للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَحدهمَا أَن يكون التشميس فِي الْأَوَانِي المنطبعة كالنحاس وَالْحَدِيد والرصاص لِأَن الشَّمْس إِذا أثرت فِيهَا خرج مِنْهَا زهومة تعلو على وَجه المَاء وَمِنْهَا يتَوَلَّد البرص وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِك فِي إِنَاء الذَّهَب وَالْفِضَّة لصفاء جوهرهما لكنه يحرم استعمالهما على مَا يَأْتِي ذكره فَلَو صب المَاء المشمس من إِنَاء الذَّهَب وَالْفِضَّة فِي إِنَاء مُبَاح لَا يكره لفقد الزهومة وَكَذَا لَا يكره فِي أواني الخزف وَغَيرهَا لفقد الْعلَّة الشَّرْط الثَّانِي أَن يَقع التشميس فِي الْبِلَاد الشَّدِيدَة الْحَرَارَة دون الْبَارِدَة والمعتدلة فَإِن تَأْثِير الشَّمْس فيهمَا ضَعِيف وَلَا فرق بَين أَن يقْصد التشميس أم لَا لوُجُود الْمَحْذُور وَلَا يكره المشمس فِي الْحِيَاض والبرك بِلَا خلاف وَهل الْكَرَاهَة شَرْعِيَّة أَو إرشادية فِيهَا وَجْهَان أصَحهمَا فِي شرح الْمُهَذّب أَنَّهَا شَرْعِيَّة فعلى هَذَا يُثَاب على ترك اسْتِعْمَاله وعَلى الثَّانِي وَهِي أَنَّهَا إرشادية لَا يُثَاب فِيهَا لِأَنَّهَا من وجهة الطِّبّ وَقيل إِن المشمس لَا يكره مُطلقًا وَعَزاهُ الرَّافِعِيّ إِلَى الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة قَالَ النَّوَوِيّ فِي زِيَادَة الرَّوْضَة وَهُوَ الرَّاجِع من حَيْثُ الدَّلِيل وَهُوَ مَذْهَب أَكثر الْعلمَاء وَلَيْسَ للكراهية دَلِيل يعْتَمد وَإِذا قُلْنَا بِالْكَرَاهَةِ فَهِيَ كَرَاهَة تَنْزِيه لَا تمنع صِحَة الطَّهَارَة وَيخْتَص اسْتِعْمَاله بِالْبدنِ وتزول بالتبريد على الْأَصَح وَفِي الثَّالِث يُرَاجع الْأَطِبَّاء وَالله أعلم انْتهى وَمَا صَححهُ من زَوَال الْكَرَاهِيَة بالتبريد قد صحّح الرَّافِعِيّ فِي الشَّرْح الصَّغِير بقاءها وَقَالَ فِي شرح الْمُهَذّب الصَّوَاب أَنه لَا يكره وَحَدِيث عَائِشَة هَذَا ضَعِيف بِاتِّفَاق الْمُحدثين وَمِنْهُم من جعله مَوْضُوعا وَكَذَا مَا رَوَاهُ الشَّافِعِي عَن عَمْرو الْخطاب أَنه يُورث البرص ضَعِيف لِاتِّفَاق الْمُحدثين على تَضْعِيف إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد وَحَدِيث ابْن عَبَّاس غير مَعْرُوف وَالله أعلم وَمَا ذكره من أثر عمر رَضِي الله عَنهُ فَمَمْنُوع ودعواه الِاتِّفَاق على تَضْعِيف إِبْرَاهِيم أحد الروَاة غير مُسلم فَإِن الشَّافِعِي وَثَّقَهُ وَفِي تَوْثِيق الشَّافِعِي كِفَايَة وَقد وَثَّقَهُ غير وَاحِد من الْحفاظ وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَاد آخر صَحِيح قَالَ النَّوَوِيّ فِي زِيَادَة الرَّوْضَة وَيكرهُ شَدِيد الْحَرَارَة والبرودة وَالله أعلم وَالْعلَّة فِيهِ عدم الإسباغ وَقَالَ فِي آبار ثَمُود إِنَّه مَنْهِيّ عَنْهَا فَأَقل الْمَرَاتِب أَنه يكره اسْتِعْمَالهَا قَالَ

(وطاهر غير مطهر وَهُوَ المَاء الْمُسْتَعْمل)

<<  <   >  >>