هَذَا هُوَ الْقسم الثَّالِث من أَقسَام المَاء وَهُوَ المَاء الْمُسْتَعْمل فِي رفع الْحَدث أَو إِزَالَة النَّجس إِذا لم يتَغَيَّر وَلَا زَاد وَزنه فَهُوَ طَاهِر لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام
(خلق الله المَاء طهُورا لاينجسه شَيْء إِلَّا مَا غير طعمه أَو رِيحه) وَفِي رِوَايَة
(أَو لَونه) وَهُوَ ضَعِيف وَالثَّابِت
(طعمه أَو رِيحه) فَقَط وَهل هُوَ طهُور يرفع الْحَدث ويزيل النَّجس أَيْضا فِيهِ خلاف الْمَذْهَب أَنه غير طهُور لِأَن الصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم مَعَ شدَّة اعتنائهم بِالدّينِ مَا كَانُوا يجمعونه ليتوضؤوا بِهِ ثَانِيًا وَلَو كَانَ ذَلِك سائغاً لفعلوه وَاخْتلف الْأَصْحَاب فِي عِلّة منع اسْتِعْمَاله ثَانِيًا وَالصَّحِيح أَنه تأدى بِهِ فرض وَقيل إِنَّه تأدى بِهِ عبَادَة وَتظهر فَائِدَة الْخلاف فِي صُورَتَيْنِ الأولى فِيمَا اسْتعْمل فِي نفل الطَّهَارَة كتجديد الْوضُوء والأغسال المسنونة والغسلة الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة فعلى الصَّحِيح يكون المَاء طهُورا لِأَنَّهُ لم يتأد بِهِ فرض وعَلى الضَّعِيف لَا يكون طهُورا لِأَنَّهُ تأدى بِهِ عبَادَة وَلَا خلاف أَن مَاء الرَّابِعَة طهُور على العلتين لِأَنَّهُ لم يتأد بِهِ فرض وَلَا هِيَ مَشْرُوعَة والغسلة الأولى غير طهُور على العلتين لتأدى الْفَرْض وَالْعِبَادَة بِمَائِهَا الصُّورَة الثَّانِيَة المَاء الَّذِي اغْتَسَلت بِهِ الْكِتَابِيَّة عَن الْحيض لتحل لزَوجهَا الْمُسلم هَل هُوَ طهُور يَنْبَنِي على أَنَّهَا لَو أسلمت هَل يلْزمهَا إِعَادَة الْغسْل فِيهِ خلاف إِن قُلْنَا لَا يلْزمهَا فَهُوَ غير طهُور وَإِن قُلْنَا يلْزمهَا إِعَادَة الْغسْل وَهُوَ الصَّحِيح فَفِي المَاء الَّذِي استعملته حَال الْكفْر وَجْهَان بينان على العلتين إِن قُلْنَا إِن الْعلَّة تأدى الْفَرْض فالماء غير طهُور وَإِن قُلْنَا إِن الْعلَّة تأدى الْعِبَادَة فَهُوَ طهُور لِأَن الْكَافِرَة لَيست من أهل الْعِبَادَة وَاعْلَم أَن الزَّوْجَة الْمَجْنُونَة إِذا حَاضَت وغسلها زَوجهَا حكمهَا حكم الْكَافِرَة فِيمَا ذَكرْنَاهُ وَهِي مَسْأَلَة حَسَنَة ذكرهَا الرَّافِعِيّ فِي صفة الْوضُوء وأسقطها النَّوَوِيّ من الرَّوْضَة وَاعْلَم أَن المَاء الَّذِي تَوَضَّأ بِهِ الصَّبِي غير طهُور وَكَذَا المَاء الَّذِي يتَوَضَّأ بِهِ المنتفل وَكَذَا من لَا يعْتَقد وجوب النِّيَّة على الصَّحِيح فِي الْجَمِيع ثمَّ مَا دَامَ المَاء متردداً على الْعُضْو لَا يثبت لَهُ حكم الِاسْتِعْمَال وَلَو جرى المَاء من عُضْو المتوضيء إِلَى عُضْو آخر صَار مُسْتَعْملا حَتَّى لَو انْتقل من إِحْدَى الْيَدَيْنِ إِلَى الْأُخْرَى صَار مُسْتَعْملا وَلَو انْتقل المَاء الَّذِي يغلب فِيهِ الِانْتِقَال من عُضْو إِلَى مَوضِع آخر من ذَلِك الْعُضْو كالحاصل عِنْد نَقله من الْكَفّ إِلَى الساعد ورده إِلَى الْكَفّ وَنَحْوه لَا يضر انْتِقَاله وَإِن خرقه الْهَوَاء وَهِي مَسْأَلَة حَسَنَة ذكرهَا الرَّافِعِيّ فِي آخر الْبَاب الثَّانِي من أَبْوَاب التَّيَمُّم وأهملها النَّوَوِيّ إِلَّا أَنه ذكر هُنَا من زِيَادَة الرَّوْضَة أَنه لَو انْفَصل المَاء من بعض أَعْضَاء الْجنب إِلَى بَعْضهَا وَجْهَيْن الْأَصَح عِنْد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute