للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

للنَّجَاسَة وَمَا تَأْكُله من الطاهرات ينجس فِي كرشها فَلَا تتغذى إِلَّا بالنجاسات أبدا فَأكلهَا النَّجَاسَات إِنَّمَا يُؤثر فِي تَغْيِير لَحمهَا وَذَلِكَ يَقْتَضِي الْكَرَاهَة كَمَا أَن المذكي إِذا جَاف لَا يحرم أكله على الْمَذْهَب وَصحح الرَّافِعِيّ فِي الْمُحَرر تبعا للْإِمَام وَالْغَزالِيّ وَغَيرهمَا التَّحْرِيم لظَاهِر الْخَبَر وَلِأَنَّهَا صَارَت من الْخَبَائِث لكنه حكى فِي الشَّرْح الْكَبِير عَن الْأَكْثَرين وَمِنْهُم الْعِرَاقِيُّونَ مَا صَححهُ النَّوَوِيّ وَالله أعلم قَالَ

(وَيحل للْمُضْطَر فِي المخمصة أَن يَأْكُل من الْميتَة مَا يسد بِهِ رمقه)

نَص الْقُرْآن الْعَظِيم على تَحْرِيم الْميتَة وَالدَّم وَلحم الْخِنْزِير وَمَا أهل لغير الله بِهِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا كالموقودة والمتردية والنطيحة وَمَا أكل السَّبع وَهَذَا فِي غير حَالَة الضَّرُورَة وَأما الْمُضْطَر فَيُبَاح لَهُ الْأكل كَمَا قَالَ تَعَالَى {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} أَي فَأكل فَلَا إِثْم عَلَيْهِ ثمَّ الْأكل قد يجب لدفع الْهَلَاك

وَاعْلَم أَنه لَا خلاف أَن الْجُوع الْقوي لَا يَكْفِي لأكل الْحَرَام وَلَا خلاف أَنه لَا يجب الِامْتِنَاع إِلَى أَن يشرف على الْمَوْت فَإِن الْأكل حِينَئِذٍ لَا يُفِيد بل لَو انْتهى إِلَى هَذِه الْحَالة لم يحل لَهُ أكل الْميتَة فَإِنَّهُ غير مُفِيد وَلَا خلاف فِي الْحل إِذا كَانَ يخَاف على نَفسه لَو لم يَأْكُل من جوع أَو ضف عَن الْمَشْي وَعَن الرّكُوب أَو يَنْقَطِع عَن الرّفْقَة أَو يضيع وَنَحْو ذَلِك فَلَو خَافَ حُدُوث مرض مخيف حَبسه فَهُوَ كخوف الْمَوْت وَإِن خَافَ طول الْمَرَض فَكَذَلِك على الرَّاجِح وَلَو عيل صبره وجهده الْجُوع فَهَل يحل لَهُ الْمحرم أم لَا حَتَّى يصل إِلَى أدنى الرمق قَولَانِ فَقَالَ فِي زِيَادَة الرَّوْضَة الْأَظْهر الْحل وَلَا يشْتَرط فِيمَا يخَاف مِنْهُ تَيَقّن وُقُوعه لَو لم يَأْكُل بل يَكْفِي غَلَبَة الظَّن فَإِذا انْتهى إِلَى الْحَالة الَّتِي يُبَاح لَهُ فِيهَا الْأكل فَمَاذَا يَأْكُل أما أكله مَا يسد بِهِ الرمق فَلَا خلاف فِي ذَلِك

وَلَا تحل لَهُ الزِّيَادَة على الشِّبَع بِلَا خلاف وَفِي حل الشِّبَع أَقْوَال ثَالِثهَا إِن كَانَ قَرِيبا من الْعمرَان لم يجز وَإِلَّا جَازَ وَرجح الْقفال وَكثير من الْأَصْحَاب الْمَنْع وَرجح الرَّوْيَانِيّ وَغَيره الْحل كَذَا أطلق الْخلاف أَكْثَرهم وَفصل الإِمَام وَالْغَزالِيّ تَفْصِيلًا

<<  <   >  >>