حَاصله إِن كَانَ فِي بادية وَخَافَ إِن ترك الشِّبَع أَن لَا يقطعهَا وَيهْلك وَجب الْقطع بالشبع وَإِن كَانَ فِي بلد وتوقع الْحَلَال قبل عود الضَّرُورَة وَجب الْقطع بالاقتصار على سد الرمق وَإِن كَانَ لَا يظْهر حُصُول طَعَام حَلَال وَأمكنهُ الرُّجُوع إِلَى الْمحرم مرّة بعد أُخْرَى إِن لم يجد الْحَلَال فَهُوَ مَوضِع الْخلاف وَقد اخْتلف تَرْجِيح الشَّيْخَيْنِ فِي ذَلِك وَبِالْجُمْلَةِ فَالصَّحِيح أَنه يَأْكُل مَا يسد الرمق لِأَنَّهُ بعد سد الرمق غير مُضْطَر فَزَالَ الحكم بِزَوَال علته لِأَن الْقَاعِدَة المقررة أَن الحكم يَدُور مَعَ الْعلَّة وجودا وعدماً قَالَ السّديّ قَوْله تَعَالَى {وَلا عَادٍ} أَي فِي الِاسْتِيفَاء إِلَى حد الشِّبَع وَمن قَالَ بالشبع علل بِأَنَّهُ طَعَام جَازَ مِنْهُ مَا يسد الرمق فَجَاز قدر الشِّبَع كالمذكى والاضطرار عِلّة لابتداء الْأكل دون استدامته كَمَا أَن فقد طول الْحرَّة عِلّة لابتداء نِكَاح الْأمة دون استدامته وعَلى هَذَا فَلَيْسَ المُرَاد بالشبع أَن يمتلئ حَتَّى لَا يبْقى للطعام مساغ فَإِن هَذَا حرَام بِلَا خلاف وَلَكِن المُرَاد أَن يَأْكُل حَتَّى يكسر سُورَة الْجُوع بِحَيْثُ لَا يُطلق عَلَيْهِ اسْم جَائِع وَاعْلَم أَن الرَّافِعِيّ جزم فِي الْمُحَرر بِمَا فَصله الإِمَام وَالْغَزالِيّ وَهل لَهُ أَن يتزود من الْميتَة إِن لم يرج الْوُصُول إِلَى الْحَلَال فَلهُ التزود وَإِن رجا فَفِيهِ خلاف الْأَصَح فِي شرح الْمُهَذّب وَزِيَادَة الرَّوْضَة الْجَوَاز وَالله أعلم قَالَ
(وميتتان حلالان السّمك وَالْجَرَاد)
وَاعْلَم أَن الْحَيَوَان ثَلَاثَة أَقسَام
الأول مَا لَا يُؤْكَل فَهَذَا ميتَته وذبيحته سَوَاء
الْقسم الثَّانِي حَيَوَان مَأْكُول وَلَا تحل ميتَته فَهَذَا لَا يحل إِلَّا بالتذكية الْمُعْتَبرَة على مَا مر
الْقسم الثَّالِث حَيَوَان مَأْكُول تحل ميتَته وَهُوَ السّمك وَالْجَرَاد وَاحْتج لَهُ بِحَدِيث
ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ أحلّت لنا ميتَتَانِ الْحُوت وَالْجَرَاد ويحتج للسمك بقوله تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} وَهل يحل أكل السّمك الصغار إِذا شويت وَلم يشق جوفها وَلم يخرج مَا فِيهِ وَجْهَان صحّح جمَاعَة التَّحْرِيم بِسَبَب مَا فِي الْجوف فَإِنَّهُ نجس وينجس مَا يقلى بِهِ وَوجه الْجَوَاز مشقة تتبعها قَالَ الرَّافِعِيّ وعَلى الْمُسَامحَة جرى الْأَولونَ وَقَالَ فِي الطَّاهِر أطبقوا على أكل المملح مِنْهُ وَلَو وجدت سَمَكَة فِي جَوف سَمَكَة فَهِيَ حَلَال كَمَا لَو مَاتَت حتف أنفها وَلَو تقطعت سَمَكَة فِي جَوف سَمَكَة وَتغَير لَوْنهَا لم تحل على الْأَصَح لِأَنَّهَا كالروث وَيكرهُ ذبح السّمك إِلَّا أَن يكون كَبِيرا تطول حَيَاته فَيُسْتَحَب ذبحه على الْأَصَح إراحة لَهُ وَلَو ابتلع سَمَكَة حَيَّة أَو قطع فلقَة مِنْهَا لم تحرم على الْأَصَح لَكِن تكره وطرد الْوَجْهَانِ فِي الْجَرَاد وَلَو ذبح
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute