للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَلَيْهِ فَلَا ترد شَهَادَة أحد بِشَيْء من التَّأْوِيل إِذا كَانَ لَهُ وَجه يحْتَملهُ وَإِن بلغ فِيهِ استحلال المَال وَالدَّم هَذَا نَصه بِحُرُوفِهِ وَفِيه التَّصْرِيح بِمَا ذَكرْنَاهُ من تَأْوِيل تَكْفِير الْقَائِل بِخلق الْقُرْآن نعم قَاذف عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا كَافِر فَلَا تقبل شَهَادَته انْتهى كَلَام النَّوَوِيّ قلت كَلَام النَّوَوِيّ صَرِيح فِي قبُول شَهَادَة من يسْتَحل فِي تَأْوِيله الدَّم وَالْمَال وَقد بَالغ فِي ذَلِك فَقَالَ الصَّوَاب كَذَا وَلَا شكّ أَن الْبُغَاة نوع من الْمُخَالفين بِتَأْوِيل وَقد ذكر الرَّافِعِيّ هُنَا أَن الْبَاغِي إِن كَانَ يسْتَحل دِمَاء أهل الْعدْل وَأَمْوَالهمْ لَا ينفذ حكم حاكمهم وَلَا تقبل شَهَادَة شاهدهم وَنَقله عَن المعتبرين وَتَبعهُ النَّوَوِيّ على ذَلِك وَعلل بِالْفِسْقِ بل جزما بذلك فِي الْمُحَرر ولمنهاج وَلَفظه وَتقبل شَهَادَة الْبُغَاة وَقَضَاء قاضيهم فِيمَا يقبل قَضَاء قاضينا إِلَّا أَن يسْتَحل دماءنا وَقد ذكر النَّوَوِيّ قبل هَذَا مَا يَقْتَضِي قبُول شَهَادَة المجسمة لكنه جزم فِي شرح الْمُهَذّب بتكفيرهم ذكره فِي صفة الْأَئِمَّة فلينتبه لَهُ والخطابية هم أَصْحَاب ابْن خطاب الْكُوفِي وهم يَعْتَقِدُونَ أَن الْكَذِب كفر وَإِن من كَانَ على مَذْهَبهم لَا يكذب فيصدقونه على مَا يَقُوله وَيشْهدُونَ لَهُ بِمُجَرَّد إخْبَاره وَهَذِه شَهَادَة زور لِأَنَّهَا شَهَادَة على غير مشهود عَلَيْهِ وَالله أعلم

وَقَول الشَّيْخ مَأْمُونا عِنْد الْغَضَب احْتَرز بِهِ عَمَّن لَا يُؤمن عِنْد غضب ككثير فِي زَمَاننَا هَذَا فَلَا تقبل شَهَادَته لِأَنَّهُ غَيره مَأْمُون فَسَقَطت الثِّقَة بِهِ وَقَول الشَّيْخ محافظاً على مُرُوءَة مثله احْتَرز بِهِ عَمَّن لَيْسَ كَذَلِك فَلَا تقبل شَهَادَة القمام وَهُوَ الَّذِي يجمع القمامة أَي الكناسة ويحملها وَكَذَا الْقيم فِي الْحمام وَمن يلْعَب بالحمام يَعْنِي يطيرها لينْظر تقلبها فِي الجو وَكَذَا الْمُغنِي سَوَاء أَتَى النَّاس أَو أَتَوْهُ وَكَذَا الرقاص كهذه الصُّوفِيَّة الَّذين يسعون إِلَى ولائم الظلمَة والمكسة ويظهرون التواجد عِنْد رقصهم وتحريك رؤوسهم وتلويح لحاهم الخسيسة صنع المجانين وَإِذا قرئَ الْقُرْآن لَا يَسْتَمِعُون لَهُ وَلَا ينصتون وَإِذا نعق مزمار الشَّيْطَان صَاح بَعضهم على بعض بالوسواس قَاتلهم الله مَا أفسقهم وأزهدهم فِي كتاب الله وأرغبهم فِي مزمار الشَّيْطَان وَقرن الشَّيْطَان عَافَانَا الله من ذَلِك

وَكَذَا لَا تقبل شَهَادَة من يَأْكُل فِي الْأَسْوَاق وَمثله لَا يعْتَاد بِخِلَاف من يَأْكُل قَلِيلا على بَاب دكانه لجوع كَمَا قَالَه الْبَنْدَنِيجِيّ أَو كَانَ مِمَّن عَادَتهم الْغذَاء فِي الْأَسْوَاق كالصباغين والسماسرة وَكَذَا لَا تقبل شَهَادَة من يمد رجله عِنْد النَّاس بِلَا مرض كَمَا قَالَه الْبَنْدَنِيجِيّ وَكَذَا لَا تقبل شَهَادَة من يلْعَب بالشطرنج على الطَّرِيق وَكَذَا لَا تقبل شَهَادَة من يكْشف عَن بدنه مَالا يعْتَاد وَإِن لم يكن عَورَة وَكَذَا لَا تقبل شَهَادَة من يكثر من الحكايات المضحكة أَو يذكر أَهله أَو زَوجته بالسخف كَمَا ذكره ابْن الصّباغ وَنَحْو ذَلِك ومدار ذَلِك كُله على حفظ الْمُرُوءَة لِأَن الأَصْل فِي ذَلِك أَن حفظ الْمُرُوءَة من الْحيَاء ووفور الْعقل وَطرح ذَلِك إِمَّا لخبل بِالْعقلِ أَو قلَّة حَيَاء أَو قلَّة مبالاته بِنَفسِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يوثق بقوله فِي حق غَيره وَهُوَ أولى لِأَن من لَا يحافظ على مَا يشينه فِي نَفسه فَغَيره

<<  <   >  >>