وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ: يسْتَحبّ لَهُ ذَلِك.
وروى الْمروزِي عَن احْمَد فِي الرجل يقْرَأ فِي الْمَسْجِد وَيُرِيد أَن يعْتَكف فَقَالَ:
يقْرَأ أحب إِلَيّ.
قَالَ القَاضِي أَبُو يعلى بن الْفراء: وَهَذَا على أَصله من أَنه لَا يسْتَحبّ للمعتكف أَن ينصب للإقراء وَلَا للدرس للْعلم فَيَنْقَطِع للاعتكاف عَن الإقراء، فَكَأَن الإقراء أفضل من الِاعْتِكَاف، لِأَن مَنْفَعَة ذَلِك تتعدى.
قَالَ الْمُؤلف: وَالَّذِي عِنْدِي فِي ذَلِك أَن مَالِكًا وَأحمد لم يريَا اسْتِحْبَاب أَن لَا يقْرَأ الْمُعْتَكف غَيره الْقُرْآن فِي حَالَة اعْتِكَافه إِلَّا من حَيْثُ أَنه بإقرائه آيَة غَيره ينْصَرف همه عَن تدبر الْقُرْآن إِلَى حفظه على الْقَارئ فَيكون قد صرف فهمه عَن تدبر أسراره لنَفسِهِ إِلَى حفظ ظَاهر لَفظه لغيره، وَإِلَّا فَلَا يظنّ بهما رَضِي اللَّهِ عَنْهُمَا أَنَّهُمَا كَانَا يريان شَيْئا من عبادات الْمُعْتَكف يعدل قِرَاءَة الْقُرْآن فِي تدبر لَهُ.
وَهَذَا يُشِير إِلَى أَن الِاعْتِكَاف حبس النَّفس وَجمع للهمة على نُفُوذ البصيرة فِي تدبر الْقُرْآن ومعاني التَّسْبِيح والتحميد والتهليل وَذكر اللَّهِ فَيكون كل مَا جمع الْفِكر يُنَاسب هَذِه الْعِبَادَات وكل مَا بسط من الْفِكر وَنشر من هم ينافيها.
وَأَجْمعُوا على أَن العَبْد لَيْسَ لَهُ أَن يعْتَكف إِلَّا بِإِذن سَيّده.
وَأَجْمعُوا على أَنه لَيْسَ للمعتكف أَن يتجر ويكتسب بالصنعة على الْإِطْلَاق.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute