للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَقَبَة، إِذا ملك كَذَا وَكَذَا إنْسَانا، وَالله مَالك رِقَاب الْعباد، فَهُوَ نطق يتَنَاوَل جُمْلَتهمْ، فَإِذا أطلق فِي عتق الرَّقَبَة، وَقد كَانَ عدم من تِلْكَ الرَّقَبَة جُزْءا فَإِن الْمُعْتق لَا يكون حِينَئِذٍ قد أعتق رَقَبَة يشْتَمل نطقها على كمالها بل يكون كمن أعتق رَقَبَة إِلَّا جُزْءا أَو جزئين أَو غير ذَلِك، فَأَما أَن تكون مُؤمنَة، فَإِنِّي أرى هَذَا النُّطْق يُسْتَفَاد مِنْهُ أَن لَا تكون مُؤمنَة لِأَن الْعتْق حِينَئِذٍ فِي لُغَة الْعَرَب الخلوص. وَكَذَلِكَ يُقَال: فرس عَتيق إِذا كَانَ خَالِصا لم يُشبههُ هجنة، فَإِذا أعتق نفسا هِيَ رهن بِدُخُول النَّار فَكَأَنَّمَا أخرج فِي عتقه نفسا مَرْهُونَة عَن حق هُوَ أعظم من الْحق الَّذِي انْتَقَلت إِلَيْهِ، ولان الْعتْق إِنَّمَا يُرَاد بِهِ تَخْلِيص رَقَبَة الْمُعْتق لِعِبَادِهِ الله. فَإِذا أعتق رَقَبَة كَافِرَة فَكَأَنَّهُ إِنَّمَا فرغها لعباد إِبْلِيس وخلصها من شغل الْخلق لَهَا من عبَادَة الْأَوْثَان إِلَى العكوف عَلَيْهَا، فَكَأَنَّهُ لَا يفهم مِنْهَا إِلَّا مُؤمنَة. وَأَيْضًا أَن الْعتْق قربه إِلَى الله على سَبِيل الْحمل والهدية أفيحسن أَن يتَقرَّب إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ بِعَبْد كَافِر كَانَت رقبته مَشْغُولَة بِالرّقِّ فخلصها مِنْهُ لتشرك بِهِ تَعَالَى.

وَأَجْمعُوا على أَنه لَو أطْعم مِسْكينا وَاحِدًا عشرَة أَيَّام فَإِنَّهُ لَا يحْسب لَهُ إِلَّا بإطعام وَاحِد.

<<  <  ج: ص:  >  >>