للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشَّارِع بشرع هَذَا العقد الْعَمَل لَا المَال وَإِنَّمَا شرع فِيهِ المَال لِأَنَّهُ أبلغ فِي ترغيب النُّفُوس فِيهِ لِأَنَّهُ مَتى كَانَ الْبَاعِث على السباق الظفر بِالْمَالِ وَالْغَلَبَة قويت فِيهِ الرَّغْبَة وَالْمَال لَا يُؤْكَل فِي هَذَا العقد إِلَّا على وَجه المخاطرة وَمَعْلُوم أَن حُصُول هَذَا الْمَقْصُود بِدُونِ الْمُحَلّل أعظم مِنْهُ إِذا كَانَ بَينهمَا وَأَن المخاطرة مَعَ الْمُحَلّل كالمخاطرة بِدُونِهِ سَوَاء أَو أَزِيد وَهَذَا ضَرُورِيّ التَّصَوُّر وَهُوَ مِمَّا لَا يستراب فِيهِ فالمحلل دائر بَين أَمريْن إِمَّا أَنه لَا فَائِدَة مِنْهُ وَإِمَّا أَن مصلحَة السباق بِدُونِهِ أتم وَأيهمَا كَانَ فَهُوَ مُسْتَلْزم لبُطْلَان اشْتِرَاطه قَالُوا وَأَيْضًا إِذا كَانَ الْجعل من أحد المتسابقين فمقصوده منع الآخر من أَخذ الْجعل وَدفعه عَنهُ كَأَنَّهُ يَقُول أَنْت لَا تقدر على أَن تغلبني وَأَنا أبين عجزك بِأَن أبذل لَك جعلا لأقوي رهبتك ورغبتك فِي أَن تغلبني وَأَنت مَعَ ذَلِك عَاجز وَذَلِكَ أَن الْإِنْسَان يتْرك الشئ إِمَّا لعَجزه عَنهُ وَإِمَّا لعدم إِرَادَته لَهُ فَمَتَى كَانَ مرِيدا لَهُ إِرَادَة تَامَّة وقادرا عَلَيْهِ قدرَة تَامَّة لزم وجوده قطعا فالقادر على أَن يغلب غَيره قد يُرِيد ذَلِك لمُجَرّد محبَّة النَّفس لإِظْهَار الْقُدْرَة وَالْغَلَبَة وَقد يُرِيد ذَلِك لأخذ المَال فَإِذا اجْتمع الْأَمْرَانِ كَانَت إِرَادَته أبلغ كَمَا تقدم بَيَانه فالجاعل يَقُول أَنا أبين أَنَّك عَاجز لِأَنِّي أبذل المَال الَّذِي أحرك بِهِ رغبتك فِي الْقلب مَعَ مَا فِي النَّفس من محبَّة ذَلِك فَأَنت مَعَ كَمَال رغبتك عَاجز عني وَعَن مغالبتي فَأَنا أقدر مِنْك على هَذَا الْعَمَل هَذَا مَقْصُوده قطعا لَيْسَ مَقْصُوده أَن يبْذل الْجعل لمن يغلبه وَيَأْخُذ

<<  <   >  >>