للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْحق وإعلائه كصراع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ركَانَة وَهَذَا كَمَا أَن الثَّلَاثَة المستثناة إِذا أُرِيد بهَا الْفَخر والعلو فِي الأَرْض وظلم النَّاس كَانَت مذمومة فالصراع والسباق بالأقدام وَنَحْوهمَا إِذا قصد بِهِ نصر الْإِسْلَام كَانَ طَاعَة وَكَانَ أَخذ السَّبق بِهِ حِينَئِذٍ أخذا بِالْحَقِّ لَا بِالْبَاطِلِ وَالْأَصْل فِي المَال أَن لَا يُؤْكَل إِلَّا بِالْحَقِّ لَا يُؤْكَل بباطل وَهُوَ مَا لَا مَنْفَعَة فِيهِ فَحَدِيث ركَانَة هَذَا أحد طرقه صَرِيحَة فِي الرِّهَان من الْجَانِبَيْنِ من غير مُحَلل وَالطَّرِيق الْأُخْرَى لم تنف ذَلِك بل لم تكن عَادَة الْعَرَب وَغَيرهم وَإِلَى الْآن أَن يبْذل السَّبق أحد المتغالبين وَحده وَإِنَّمَا الْمَعْرُوف من عادات النَّاس التراهن من الْجَانِبَيْنِ وَقد جعل فِي طباعهم وفطرهم أَن الرَّهْن من أحد الْجَانِبَيْنِ قمار وَحرَام والنفوس تحتقر الَّذِي لم يبْذل وتزدريه وتعده بَخِيلًا شحيحا مهينا وَمِمَّا يُوضح أَن التراهن كَانَ من الْجَانِبَيْنِ فِي هَذِه الْقِصَّة أَن ركَانَة لما غَلبه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخذ مِنْهُ شَاة طلب ركَانَة الْعود وَإِنَّمَا ذَلِك ليسترجع الشَّاة وَلم يكن لَهُ غَرَض فِي أَن يغرم شَاة أُخْرَى وثالثة وَلَو كَانَ الْبَذْل من ركَانَة وَحده لم يكن لَهُ سَبِيل لاسترجاع الشَّاة الَّتِي خرجت مِنْهُ بل إِذا غلب غرم شَاة أُخْرَى وَإِن غلب لم يفرح بِأخذ شئ فَلم يكن ليطلب الْعود إِلَى صراع هُوَ فِيهِ غَارِم وَلَا بُد وَلَا سَبِيل لَهُ إِلَى استنقاذ مَا غرمه أَلْبَتَّة وَهَذَا بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ التراهن من الْجَانِبَيْنِ كَمَا هُوَ الْوَاقِع كَانَ المغلوب على طمع من استرجاع مَا غرمه فيحرص على الْعود

<<  <   >  >>