الآخر وَيَأْخُذ مَاله فَإِن هَذَا لَا يَقْصِدهُ عَاقل فَكيف يقْصد الْعَاقِل أَن يكون مَغْلُوبًا خاسرا بل مَقْصُوده أَن يكون غَالِبا كاسبا كَمَا يقْصد الْمُجَاهِد والجعالة قصد الْبَاذِل فِيهَا حُصُول الْعَمَل من الآخر ومعاوضته عَلَيْهِ بِمَالِه وَهَذَا عكس بَاب الْمُسَابقَة فَإِن الْمُسَابقَة هِيَ عَليّ صُورَة الْجِهَاد وشرعت تموينا وتدريبا وتوطينا للنَّفس عَلَيْهِ والمجاهد لَا يقْصد أَن يغلب ويسلب وَإِن كَانَ قد يَقع ذَلِك من آحَاد الْمُجَاهدين إِذا قصد الانغماس فِي الْعَدو وَأَن يستشهد فِي سَبِيل الله تَعَالَى وَهَذَا يحمد إِذا تضمن مصلحَة للجيش وَالْإِسْلَام كَحال الْغُلَام الَّذِي أَمر الْملك بقتْله ليتوصل بذلك إِلَى إِسْلَام النَّاس
وَقد يتَّفق فِي المتسابقين ذَلِك إِذا كَانَ قصد الْبَاذِل تمرين من يسابقه وإعانته على الفروسية وتفريح نَفسه بالغلب وَالْكَسْب لَا سِيمَا إِذا كَانَ مَعَ ذَلِك من يحب تَعْلِيمه كولده وخادمه وَنَحْوهمَا وَهَذَا الْبَاذِل قد يقْصد فِي سبقه وَعلمه ليظْهر الآخر عَلَيْهِ ويفرح نَفسه بذلك وَيكون قَصده أَن يغلبه وَيُعْطِي مَا بذل لَهُ
وَهَذَا قد يَقع وَلكنه لَيْسَ بالغالب بل الغلب خِلَافه وَهُوَ مسابقة النظراء بَعضهم لبَعض وَالْأول مسابقة الْمعلم للمتعلم
والمقصور أَن هَذَا (لَيْسَ) هُوَ الْجعَالَة الْمَعْرُوفَة مَعَ أَن النَّاس متنازعون فِي الْجعَالَة فَإِنَّهُ أبطلها طَائِفَة من أهل الْعلم وأدخلوها فِي قسم الْغرَر والقمار وَقَالُوا الْعَمَل فِيهَا غير مَعْلُوم فَإِنَّهُ إِذا قَالَ من رد عَبدِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute