للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثاً: أن التداوي بالأدوية من سنة الإسلام، ومن هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، مع إيمان المسلم بأن الله وحده هو الشافي، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء» (١)، وفي رواية: عن جابر - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله عز وجل (٢)».

فما بين المريض وبين الشفاء إلا أن يعرف أي الأدوية يصلح لمرضه، فإن عرفه وتناوله وتداوى به كان الشفاء بإذن الله تعالى وبرحمته، ويوضح ذلك حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله لم ينزل داء إلا أنزل معه دواء، جهله من جهله، وعلمه من علمه (٣)».

وجاء بعض الأعراب يسألونه - صلى الله عليه وسلم -: أعلينا حرج في كذا؟ أعلينا حرج في كذا؟ فقال لهم: «عباد الله، وضع الله الحرج، إلا من اقترض، من عرض أخيه شيئا، فذاك الذي حرج» فقالوا يا رسول الله: هل علينا جناح ألا نتداوى؟ قال: «تداووا عباد الله، فإن الله، سبحانه، لم يضع داء، إلا وضع معه شفاء، إلا الهرم (٤)».

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا جاءه مريض أو مرضى يشتكون من المرض دلَّهم على ما يتداوون به وما يستشفون به، فعن أبي سعيد - رضي الله عنه -: أن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أخي يشتكي بطنه، فقال: «اسقه عسلاً» ثم أتى الثانية، فقال: «اسقه عسلاً» ثم أتاه الثالثة فقال: «اسقه عسلاً» ثم أتاه فقال: قد فعلت؟ فقال: «صدق الله، وكذب بطن أخيك، اسقه عسلاً» فسقاه فبرأ (٥).

يقول الشيخ ابن باز -رحمه الله-: لا بأس بالتداوي إذا خشي وقوع الداء؛ لوجود وباء أو أسباب أخرى يخشى من وقوع الداء بسببها، فلا بأس بتعاطي الدواء؛ لدفع البلاء الذي يخشى منه لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: «من تصبح بسبع تمرات من تمر المدينة لم يضره سحر ولا


(١) رواه البخاري في كتاب الطب، باب ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء، ح (٥٦٧٨)، (٧/ ١٢٢).
(٢) رواه مسلم في كتاب السلام، باب لكل داء دواء واستحباب التداوي، ح (٢٢٠٤)، (٤/ ١٧٢٩).
(٣) رواه ابن حبان في صحيحه، ح (٦٠٦٢)، (١٣/ ٤٢٧)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، (١/ ٨١٤).
(٤) رواه ابن ماجه، ح (٣٤٣٦)، (٣/ ١١٣٧)، وأحمد في المسند من دون لفظ أول الحديث، ح (١٨٤٥٥)، (٢٠/ ٣٩٨)، والحاكم في المستدرك، ح (٨٢٠٦)، (٤/ ٤٤١)، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي في التلخيص، وقال الأرناؤوط في حاشية المسند، (٢٠/ ٣٩٨): حديث صحيح.
(٥) رواه البخاري في كتاب الطب، باب الدواء بالعسل، ح (٥٦٨٤)، (٧/ ١٢٣)، ومسلم في كتاب السلام، باب التداوي بسقي العسل، ح (٢٢١٧)، (٤/ ١٧٣٦).

<<  <   >  >>