للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سم (١)»، وهذا من باب دفع البلاء قبل وقوعه فهكذا إذا خشي من مرض وطعم ضد الوباء الواقع في البلد أو في أي مكان لا بأس بذلك من باب الدفاع، كما يعالج المرض النازل، يعالج بالدواء المرض الذي يخشى منه، لكن لا يجوز تعليق التمائم والحجب ضد المرض أو الجن أو العين؛ لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك. وقد أوضح - صلى الله عليه وسلم - أن ذلك من الشرك الأصغر فالواجب الحذر من ذلك (٢).

رابعاً: كان من سنته - صلى الله عليه وسلم - التداوي بالدعاء فكان يدعو الله تعالى بأدعية حال المرض؛ يطلب بها الشفاء منه سبحانه وتعالى، ولم يكن يهمل التداوي أو لا يحرص عليه، وإنما كان يريد تعلق المسلم بالله في صحته ومرضه، والتضرع له سبحانه برفع ضره؛ لأنه لا يقدر على ذلك إلا الله.

فعن عثمان بن أبي العاص الثقفي - رضي الله عنه -، أنه شكا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجعا يجده في جسده منذ أسلم فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ضع يدك على الذي تألم من جسدك، وقل باسم الله ثلاثا، وقل سبع مرات أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر» (٣).

قال ابن القيم -رحمه الله-: الدعاء، من أقوى الأسباب في دفع المكروه، وحصول المطلوب، ولكن قد يتخلف أثره عنه، إما لضعفه في نفسه بأن يكون دعاء لا يحبه الله؛ لما فيه من العدوان، وإما لضعف القلب وعدم إقباله على الله وجمعيته عليه وقت الدعاء؛ فيكون بمنزلة القوس الرخو جداً، فإن السهم يخرج منه خروجا ضعيفا، وإما لحصول المانع من الإجابة: من أكل الحرام، والظلم، ورين الذنوب على القلوب، واستيلاء الغفلة والشهوة واللهو، وغلبتها عليها (٤).

وعن عطاء بن أبي رباح -رحمه الله-، قال: قال لي ابن عباس - رضي الله عنهما -: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء، أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إني أصرع، وإني أتكشف، فادع


(١) رواه البخاري في كتاب الطب، باب شرب السم والدواء به وبما يخاف منه والخبيث، ح (٥٧٧٩)، (٧/ ١٤٠)، ومسلم في كتاب الأشربة، باب فضل تمر المدينة، ح (٢٠٤٧)، (٣/ ١٦١٨).
(٢) مجموع فتاوى ابن باز، (٦/ ٢١).
(٣) رواه مسلم، في كتاب السلام، باب استحباب وضع يده على موضع الألم مع الدعاء، ح (٢٢٠٢)، (٤/ ١٧٢٨).
(٤) الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي أو الداء والدواء، ص (٩).

<<  <   >  >>