وبي يمشي. والمعنى أن محبة الله إذا استغرق بها القلب واستولت عليه لم تنبعث الجوارح إلا إلى مراضي الرب، وصارت النفس حينئذ مطمئنة بارادة مولاها عن مرادها وهواها.
يا هذا! اعبد الله لمراده منك لا لمرادك منه، فمن عبده لمراده منه فهو ممن يعبد الله على حرف، إن أصابه خير اطمأن به، وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة، ومتى قويت المعرفة والمحبة لم يُردْ صاحبُها إلا ما يريد مولاه.
وفي بعض الكتب السالفة: من أحبَّ الله لم يكن شيءٌ عنده آثر من رضاه، ومن أحبَّ الدنيا لم يكن شيء عنده آثر من هوى نفسه.
وروى ابن أبي الدنيا (١) بإسناده عن الحسن قال: ما نظرت بصري ولا نطقت بلسانيّ، ولا نطشت بيديّ، ولا نهضت على
(١) هو الإمام أبو بكر عبد الله بن محمد بن سفيان البغدادي الحافظ المعروف بابن أبي الدنيا. صدوى صلحب التَّصانيف. مات ﵀ سنة ٢٠٨ هـ