للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذِكْرُ مَلِكٍ مِنْ قُدَمَاءِ الْمُلُوكِ

ذُكِرَ أَنَّ بَعْضَ قُدَمَاءِ الْمُلُوكِ احْتُضِرَ فَجَمَعَ أَوْلادَهُ وَقَالَ قَدْ أطل عَليّ مَالا يُهْرَبُ مِنْهُ وَلا بُدَّ لِلْحَيِّ مِنْهُ وَهُوَ الانْتِقَالُ مِنْ دَارِ الْفَنَاءِ إِلَى دَارِ الْبَقَاءِ وَلَيْسَ يَشُقُّ عَلَيَّ ذَلِكَ فَإِنِّي كُنْتُ مُنْتَظِرًا لِذَلِكَ عَلَى طُولِ دَهْرِي وَمُسْتَعِدًّا لَهُ بِجُهْدِي وَقَدْ أَلْقَى الْحُكَمَاءُ لَيْسَ مِنَ الْحِكْمَةِ أَنْ يَحْذَرَ الإِنْسَانُ مَا يَتَيَقَّنُ وُقُوعَهُ وَكَذَلِكَ قَالُوا إِنَّ مَنْ يَرِثُ مَقَامَهُ نَجَا أَوْلادُهُ فَلَيْسَ مِنْ مُحْكَمِ الأَمْوَاتِ وَأَنَا وَإِنْ يَئِسْتُ مِنَ الْعَوْدِ إِلَيْكُمْ فَقَدْ عَلِمْتُمْ لِحَاقَكُمْ بِي حَقًّا فَإِيَّاكُمْ وَالْبُخْلَ فَإِنَّهُ يُكْسِبُكُمْ فِي أَعْيُنِ النَّاسِ حَقَارَةً وَإِنَّ الإِحْسَانَ يُزِيدُ فِي صَدَاقَةِ الأَصْدِقَاءِ وَيُنْقِصُ مِنْ عَدَاوَةِ الأَعْدَاءِ وَإِيَّاكُمْ وَمُخَالَطَةَ الأَشْرَارِ وَأَطِيعُوا أَكَابِرَكُمْ وَاحْرُصُوا أَلْسِنَتِكُمْ لِتَبْقَى أَسْرَارُكُمْ مَصُونَةٌ وَلا تُؤْثِرُوا الْمَالَ عَلَى الذِّكْرِ الْحَسَنِ فَإِنَّ الْمَالَ فَانٍ وَالذِكْرُ بَاقٍ

<<  <   >  >>