للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأثر الرَّابع:

جوازُ معاملَتِهم بالبَيْعِ والشِّراءِ والهِبَةِ

والقَرْضِ والرَّهْنِ وسائرِ المعاملاتِ المباحة

يتعلَّقُ النَّظرُ في المعاملات المالية بين المسلم وغير المسلم بأصلين جامعين، هما: وَجْهُ التَّملُّكِ، وعينُ ما يجري عليه العقدُ.

أما وجه التملُّك: فليس على المسلم أن يبحث عن السبب والطريقة التي تم بها انتقال الملكيَّة ليد الكافر، هل هي جائزة في شرعنا أم محرمة؟ إلا أن تكون عن سرقةٍ أو غصبٍ معلومٍ.

أما عينُ ما تتمُّ المعاوضة عليه: فلا بدَّ أن تكون مباحة في شرعنا، فلا يجوز للمسلم التجارة في الخنزير والخمر وغيرهما من المحرمات، كما لا يجوز له قبول هديَّة محرَّمة، سواء كان من مسلمٍ أو من كافرٍ.

فبهذين الضابطين يستطيع المسلم معاملة غير المسلم من غير حرجٍ، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتعامل مع المشركين وأهل الكتاب بالبيع والشراء والقرض والرهن، ويقبل هديَّتهم، ويأكل من طعامهم، ولا يسأل عن وجه تملُّكهم له، ما دام في نفسه حلالاً طيِّبًا.

قال أبو بكر ابنُ العربيِّ المالكيُّ رحمه الله عند قوله تعالى: {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ} [النساء: ١٦١]: «قد بيَّن الله تعالى في هذه الآية أنَّهم نُهُوا عن الربا وأكل المال بالباطل، فإن كان ذلك خبرًا عمَّا نزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - في القرآن، وأنَّهم دخلوا في الخطاب؛ فبِهَا ونِعْمَتْ. وإن كان ذلك خبرًا عمَّا أنزل الله عزَّ وجلَّ على موسَى - صلى الله عليه وسلم - في التَّوراة، وأنَّهم بدَّلُوا وحرَّفُوا

<<  <   >  >>