للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٤ - ما ينعقد به الأمان]

ذهب الفقهاء إلى أن الأمان ينعقد بكل لفظٍ يفيد الغرض، وهو اللفظ الدال على الأمان نحو قول المقاتل مثلاً: «آمنتكم»، أو: «أنتم آمنون»، أو: «أعطيتكم الأَمانَ»، وما يجري هذا المجرى.

كما ذهبوا إلى أنه يجوز الأمان بأيِّ لغةٍ كان، بالصريح من اللفظ كقوله: «أجرتك»، أو: «آمنتك»، أو: «أنت آمن»، وبالكناية كقوله: «أنت على ما تحبُّ»، أو: «كن كيف شئت ونحوه».

كما يجوز بالرِّسالة، لأنَّها أقوى من الكتابة، سواء كان الرسول مسلمًا أم كافرًا، لأن بناء الباب على التوسعة في حَقْنِ الدَّم.

وكذلك بإشارةٍ مُفْهِمَةٍ، ولو من ناطقٍ، لأنَّ الحاجةَ داعيةٌ إلى الإشارة لأنَّ الغالب فيهم عدم فهم كلام المسلمين، وكذا العكس. فلو أشار مسلمٌ لكافرٍ فظنَّ أنَّه أمَّنَه، فأنكر المسلم أنه أمنه بها، فالقولُ قولُه، لأنه أعلم بمراده، ولكن لا يُغتال بل يُلحَقُ بمأمنه، وإن مات المشير قبل أن يبيِّنَ الحالَ فلا أمانَ، ولا اغتيالَ؛ فيبلَّغُ المأمَنَ.

ويصحُّ إيجابُ الأمان (١) مُنْجَزًا كقوله: «أنتَ آمن»، ومعلَّقًا بشرط كقوله: «من فعل كذا فهو آمن»، لقول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكَّة: «مَن دخَلَ دارَ أَبي سُفْيانَ فهو آمِنٌ». (٢)


(١) الإيجاب: الإثبات لأيِّ شيءٍ كان. وفي الاصطلاح الفقهي: ما يصدر من أحد العاقدين لأجل إنشاء التصرف، وبه يوجب ويثبت التصرف. انظر: «المطلع على ألفاظ المقنع» (٢٧١)، «القاموس الفقهي لغةً واصطلاحًا» (مادة: وجب).
(٢) أخرجه مسلم في «الصحيح» (١٧٨٠) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <   >  >>