للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأثر السابع:

جواز السَّفَر بالقرآن حال العهد والأمان

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّه كان ينهى أن يُسافَر بالقرآن إلى أرض العدوِّ، مخافةَ أَنْ ينَالَهُ العَدُوُّ. (١)

قال العلامة النوويُّ رحمه الله: «في الحديث النَّهيُ عن المسافرة بالمصحف إلى أرض الكفَّار للعلَّة المذكورة في الحديث، وهي خوف أَنْ ينالوه، فينتهكوا حُرْمته، فإن أُمِنَتْ هذه العلةُ بأن يدخل في جيش المسلمين الظاهرين عليهم فلا كراهةَ ولا منعَ منه حينئذٍ لعدم العلة، هذا هو الصحَّيح، وبه قال أبو حنيفة والبخاريُّ وآخرون. وقال مالكٌ وجماعة من الشافعية بالنَّهي مطلقًا». (٢)

وقال السرخسيُّ رحمه الله: «وإن دخل إليهم مسلم بأمانٍ؛ فلا بأس بأن يدخل معه المصحف إذا كانوا قومًا يوفون بالعهد، لأن الظاهر هو الأمنُ من تعرُّض العدوِّ لما في يده. فأمَّا إذا كانوا ربَّما لا يوفون بالعهد؛ فلا ينبغي له أن يحمل المصحف مع نفسه إذا دخل دارهم بأمانٍ». (٣)

وقال العلامة محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله (٤): «لا يجوز للإنسان أن يسافر بالمصحف إلى بلاد الكفار، وذلك لأنه يُخشى أن يقع في أيديهم


(١) أخرجه البخاري في «الصحيح» (٢٩٩٠)، ومسلم في «الصحيح» (١٨٦٩) واللَّفظ له.
(٢) «شرح صحيح مسلم» (١٣/ ١٣، الحديث: ١٨٦٩)
(٣) «شرح السير الكبير» (١/ ٢٠٦).
(٤) محمد بن صالح بن محمد بن عثيمين المقبل الوهيبي التميمي (ت: ١٤٢١/ ٢٠٠١): من أبرز علماء العصر على منهج السلف الصالح، فقيه متبحِّر، كان أستاذًا في كلية الشريعة بفرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في منطقة القصيم، وعضوًا في هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية. امتاز بالعلم والحكمة والسماحة وسعة الأفق، وعُرف بفتاويه الحسنة، ودروسه المتقنة، فانتشرت في العالم بتسجيلاتها الصوتية، واستخرجت منها عشرات الكتب والرسائل المطبوعة. وتراثه محفوظ على موقعه الرسمي على شبكة الانترنت.

<<  <   >  >>