للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[تمهيد]

نخلُصُ ممَّا بحثناه في الفصل الأول إلى أَنَّ «الأَمانَ» عقدٌ من العقود والعهود والمواثيق التي تجري بين الناس على اختلاف أديانهم وأوطانهم، وكلُّ «عقدٍ» يدخلُ فيه الإنسانُ فلا بدَّ من «آثارٍ» تترتَّبُ عليه؛ تحدِّدُ الحقوقَ والواجباتِ لكلِّ طرفٍ من أطراف العقد.

إنَّ من معاني «الأَثَر» في اللغة: بقيَّة الشيء، أو ما بقي من رسم الشيء. والتأثيرُ: إبقاءُ الأثَر في الشيء (١). ومن هنا استخدم الفقهاء هذا اللفظ بمعنى: «النتيجة المترتبة على التصرُّف» (٢)، فيقولون مثلًا: من آثار النِّكاح: حِلُّ الجماع والعِدَّةُ والتوارثُ (٣). ويُلاحِظ الناظرُ في كتب الفقه القديمة أنَّ اللفظ الأكثر شيوعًا واستعمالًا لهذا المعنى هو «الحكم»، فيقولون عن هذه الأمور المذكورة بأنها من «أحكام النكاح» (٤)، وإنما شاع استعمال «الأثر» على ألسنة


(١) «تاج العروس» (مادة: أثر).
(٢) «معجم لغة الفقهاء» (مادة: الأثر).
(٣) انظر: «بدائع الصنائع» ٣/ ١٩٠، و «العناية شرح الهداية» ٦/ ٧٧، ٨/ ٣٩٧، و «المغني» ١١/ ٣٧١، و «الموسوعة الفقهية» ٢٢/ ١١١.
(٤) تُظهر نتيجة البحث النصِّي في كتاب: «المبسوط»؛ أنَّ السرخسيَّ رحمه الله قد استعمل «أثر النكاح» في أربعة مواضع فقط، وذلك خلال البحث في مسألة العدة، بينما استعمل «حكم النكاح» في (١٨) موضعًا. وفي كتاب «المغني» استعمل ابن قدامة رحمه الله «آثار النكاح» في موضع واحد، بينما استعمل «حكم النكاح» و «أحكام النكاح» في (١٤) موضعًا. ومقصودهما في جميع هذه المواضع آثار عقد النكاح، واستعملا لفظ «الحكم» في مواضع قليلة بمعنًى آخر، والله أعلم.

<<  <   >  >>