للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأثر الأول:

تحريم خيانتهم والغدر بهم

في أنفسهم وأموالهم وأعراضهم

إنَّ الصِّدقَ في القول، والعدلَ في المعاملة، والوفاء بالوعد، والأداء للأمانة، والالتزام بموجبات العهود والمواثيق المشروعة؛ كلُّ ذلك من الواجبات الشرعيَّة اللازمة لكلِّ مسلمٍ، لا يختلف في وجوبها أحدٌ من المسلمين، فهو متقرِّرٌ بنصوص كثيرة من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، وعليه أجمع علماء الإسلام، وأقرَّ به المسلمون جيلاً بعد جيلٍ.

وقد امتدح الله تعالى المؤمنين الصادقين المفلحين بأنَّهم: {لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} [المؤمنون: ٨]، وأمرهم بالوفاء بالعقود التي يلتزمون بها، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١]، وأجمع أهل التفسير على أن معنى «العقود»: «العهود»؛ كما ذكر الإمامُ ابن جرير الطبريُّ رحمه الله (١)، وقال: «والعقود جمع: عَقْدٍ، وأصل العقد: عقد الشيء بغيره، وهو وصله به، كما يعقد الحبل بالحبلِ، إذا وصل به شدًّا. يقال منه: عقد فلان بينه وبين فلان عقدًا، فهو يعقده. وذلك إذا وَاثَقَه على أمرٍ وعاهده عليه عهدًا


(١) أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (ت: ٣١٠/ ٩٢٣): إمام المفسرين، وأحد أئمة أهل السنة الكبار في العقيدة والحديث والفقه واللغة والتاريخ. ولد بطبرستان، ورحل إلى بغداد واستقر وتوفي فيها، بعد أن زار عدة بلدان. يعدُّ تفسيره الكبير: «جامع البيان عن تأويل آي القرآن» أهمَّ مصادر التفسير السلفيِّ. مترجم في «سير أعلام النبلاء» (١٤/ ٢٦٧:١٧٥).

<<  <   >  >>