وَمَعَ الْمَاضِي قَالَ الْخَلِيل يُقَال قد فعل الْقَوْم ينتظرون الْخَبَر وَمِنْه قَول الْمُؤَذّن قد قَامَت الصَّلَاة لِأَن الْجَمَاعَة منتظرون لذَلِك وَفِي التَّنْزِيل {قد سمع الله قَول الَّتِي تُجَادِلك فِي زَوجهَا} [المجادلة: ١] لِأَنَّهَا كَانَت تتَوَقَّع إِجَابَة الله عز وَجل لدعائها وَقيل لَا تكون لَهُ مَعَ الْمَاضِي بل مَعَ الْمُضَارع خَاصَّة لِأَن التوقع انْتِظَار الْوُقُوع والماضي قد وَقع وَأنْكرهُ ابْن هِشَام فِي (الْمُغنِي) مُطلقًا فَقَالَ وَالَّذِي يظْهر لي قَول ثَالِث وَهُوَ أَنَّهَا لَا تفِيد التوقع أصلا أما فِي الْمُضَارع فَلِأَن قَوْلك يقدم الْغَائِب يُفِيد التوقع بِدُونِ (قد) إِذْ الظَّاهِر من حَال الْمخبر عَن مُسْتَقْبل أَنه متوقع لَهُ وَأما فِي الْمَاضِي فَلِأَنَّهُ لَو صَحَّ إِثْبَات التوقع لَهَا بِمَعْنى أَنَّهَا تدخل على مَا هُوَ متوقع لصَحَّ أَن يُقَال فِي لَا رجل بِالْفَتْح أَن لَا للاستفهام لِأَنَّهَا لَا تدخل إِلَّا جَوَابا لمن قَالَ هَل من رجل وَنَحْوه فَالَّذِي بعد (لَا) يستفهم عَنهُ من جِهَة شخص آخر كَمَا أَن الْمَاضِي بعد (قد) متوقع كَذَلِك قَالَ وَعبارَة ابْن مَالك فِي ذَلِك حَسَنَة فَإِنَّهُ قَالَ إِنَّهَا تدخل على مَاض متوقع وَلم يقل إِنَّهَا تفِيد التوقع وَلم يتَعَرَّض للتوقع فِي الدَّاخِلَة على الْمُضَارع الْبَتَّةَ وَهَذَا هُوَ الْحق انْتهى وَقَالَ أَبُو حَيَّان فِي شرح التسهيل لَا يتَحَقَّق التوقع فِي (قد) مَعَ دُخُوله على الْمَاضِي لِأَنَّهُ لَا يتَوَقَّع إِلَّا المنتظر وَهَذَا قد وَقع وَالَّذِي تلقفناه من أَفْوَاه الشُّيُوخ بالأندلس أَنَّهَا حرف تَحْقِيق إِذا دخلت على الْمَاضِي وحرف توقع إِذا دخلت على الْمُسْتَقْبل إِلَّا إِن عني بالتوقع أَنه كَانَ متوقعا ثمَّ صَار مَاضِيا وَتَكون لتقريب الْمَاضِي من الْحَال تَقول قَامَ زيد فَيحْتَمل الْمَاضِي الْقَرِيب والماضي الْبعيد فَإِذا قلت قد قَامَ اخْتصَّ بالقريب والتقليل مَعَ الْمُضَارع نَحْو قد يصدق الكذوب وَقد يجود الْبَخِيل وَالتَّحْقِيق مَعَهُمَا مِثَاله مَعَ الْمَاضِي {قد أَفْلح من زكاها} [الشَّمْس: ٩] وَمَعَ الْمُضَارع {قد يعلم مَا أَنْتُم عَلَيْهِ} [النُّور: ٦٤] قَالَ سِيبَوَيْهٍ والتكثير كَقَوْلِه ١٣٤٩ -
(قد أتْرُك القرْنَ مُصْفرًّا أنامِلُه ... كأنّ أثْوَابَهُ مُجّتْ بفِرصادِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute