وَقَالَ فِي شرح التسهيل زعم أَكثر الْمُتَأَخِّرين أَن متبوع عطف الْبَيَان لَا يفوتهُ فِي الِاخْتِصَاص بل يُسَاوِيه أَو يكون أَعم مِنْهُ وَالصَّحِيح جَوَاز الثَّلَاثَة لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة النَّعْت وَهُوَ يكون فِي الِاخْتِصَاص فائقا ومفوقا ومساويا فَلْيَكُن الْعَطف كَذَلِك انْتهى فَذكر فِي كل من الْكِتَابَيْنِ مَسْأَلَة وَتحصل من ذَلِك فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ ثَلَاثَة أَقْوَال وَقَالَ أَبُو حَيَّان شَرط ابْن عُصْفُور أَن يكون عطف الْبَيَان أعرف من متبوعه وَعلله بِأَن الِابْتِدَاء بالأخص يُوجب الِاكْتِفَاء بِهِ وَعدم الْحَاجة إِلَى الْإِتْيَان بِمَا هُوَ دونه (وَيُوَافِقهُ) أَي مبتوعه (فِي الْإِفْرَاد والتذكير والتنكير) وفروعهما أَي التَّثْنِيَة وَالْجمع والتأنيث والتعريف كالنعت (وَمنع البصرية جَرَيَانه على النكرَة) وَقَالُوا لَا يجْرِي إِلَّا فِي المعارف كَذَا نَقله عَنْهُم الشلوبين قَالَ ابْن مَالك وَلم أجد هَذَا النَّقْل عَنْهُم إِلَّا من جِهَته وَذهب الْكُوفِيُّونَ والفارسي والزمخشري إِلَى جَوَاز تنكيرهما ومثلوا بقوله تَعَالَى: {من مَاء صديد} [إِبْرَاهِيم: ١٦] وَقَوله: {أَو كَفَّارَة طَعَام مَسَاكِين} [الْمَائِدَة: ٩٥] {من شَجَرَة مباركة زيتونة} [النُّور: ٣٥] وَهُوَ الصَّحِيح وَاحْتج المانعون بِأَن الْغَرَض فِي عطف الْبَيَان تَبْيِين الِاسْم الْمَتْبُوع وإيضاحه والنكرة لَا يَصح أَن يبين بهَا غَيرهَا لِأَنَّهَا مَجْهُولَة وَلَا يبين مَجْهُول بِمَجْهُول وَأجِيب بِأَنَّهَا إِذا كَانَت أخص مِمَّا جرت عَلَيْهِ أفادته تبيينا وَإِن لم تصيره معرفَة وَهَذَا الْقدر كَاف فِي تَسْمِيَته عطف الْبَيَان قَالَ ابْن عُصْفُور وَهُوَ مَبْنِيّ على اشْتِرَاط كَونه أخص (وَجوز الزَّمَخْشَرِيّ تخالفهما) فأعرب قَوْله تَعَالَى: {مقَام إِبْرَاهِيم} [آل عمرَان: ٩٧] عطف بَيَان وَهُوَ معرفَة جَار على (آيَات بَيِّنَات) وَهِي نكرَة قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ ومخالف لإِجْمَاع الْبَصرِيين والكوفيين فَلَا يلْتَفت إِلَيْهِ (وَخَصه بَعضهم بِالْعلمِ) بِأَن يجْرِي على الِاسْم كنيته وَعَلَيْهِمَا اللقب وَلَا يجْرِي فِي سَائِر المعارف نَقله صَاحب الْبَسِيط
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute