وَجعل الْفرق فِي (مائَة) دون (مِنْهُ) إِمَّا لِأَن (مائَة) اسْم و (مِنْهُ) حرف وَالِاسْم أحمل للزِّيَادَة من الْحَرْف وَإِمَّا لِأَن (الْمِائَة) محذوفة اللَّام يدل على ذَلِك (أمأيت الدارهم) فَجعل الْفرق فِي (مائَة) بَدَلا من الْمَحْذُوف مَعَ كَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَلذَلِك لم يفصلوا بَين فِئَة و (فِيهِ) لعدم كَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَقَالَ مُحَمَّد بن حَرْب الْبَصْرِيّ الْمَعْرُوف بالملهم صَاحب الْأَخْفَش كَانَت هَذِه الْألف فِي مائَة أولى مِنْهَا بمنه لِأَن أصل مائَة مئية على وزن فعلة من مئيت والهمزة تقع مَفْتُوحَة فِي لفظ ألف وينكسر مَا قبلهَا فَيسْتَحق بذلك أَن تكْتب يَاء فألزموها العلتين جَمِيعًا الْيَاء للكسرة وَالْألف للفتحة وَلِأَن الْعدَد أولى بالتوكيد والعلامات من غَيره أهـ قَالَ أَبُو حَيَّان وَالدَّلِيل على أَن الأَصْل فِي (مائَة) (مئية) قَول الشَّاعِر: ١٨٢٠ -
(فَقلت والمَرْءُ تُخْطِيه مَنِيتُهُ ... أَدْنَى عطيّتِهِ إيّاي مِئْياتُ)
وَضعف الْكُوفِيُّونَ تَعْلِيل الْبَصرِيين بِأَن (مائَة) اسْم و (مِنْهُ) حرف فهما جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ وَالْفرق يَنْبَغِي أَن يَجْعَل فِي مُتحد الْجِنْس يدل على ذَلِك أَنهم لم يفرقُوا بَين (فِئَة) و (فِيهِ) لاختلافه قَالُوا وَإِنَّمَا زيدت فرقا بَينهَا وَبَين (فِئَة) و (رئة) فِي انْقِطَاع لَفظهَا فِي الْعدَد وَعدم انْقِطَاع (فِئَة ورئة) لِأَنَّك تَقول تسع مائَة وَلَا تَقول عشر مائَة بل تَقول ألف وَتقول تسع فئات وتسع رئات وَعشر فئات وَعشر رئات فَلَا يَنْقَطِع ذكرهَا بِهِ فِي التعشير فَلَمَّا خالفتها فِيمَا ذكر خالفوا بَينهَا وَبَينهَا فِي الْخط قَالَ أَبُو حَيَّان وَقد رَأَيْت بِخَط بعض النُّحَاة (مأة) هَكَذَا بِأَلف عَلَيْهَا همزَة الْهمزَة دون يَاء وَقد حُكيَ كتب الْهمزَة الْمَفْتُوحَة إِذا انْكَسَرَ مَا قَلبهَا بِالْألف عَن حذاق النَّحْوِيين مِنْهُم الْفراء رُوِيَ عَنهُ أَنه كَانَ يَقُول يجوز أَن تكْتب الْهمزَة ألفا فِي كل مَوضِع
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute