وَتارَة من الْمَفْعُول بِنَحْوِ: {وفجرنا الأَرْض عيُونا} [الْقَمَر: ١٢] وَالْأَصْل فجرنا عُيُون الأَرْض هَذَا مَذْهَب الْمُتَأَخِّرين وَبِه قَالَ ابْن عُصْفُور وَابْن مَالك وَقَالَ الأبذي هَذَا الْقسم لم يذكرهُ النحويون وَإِنَّمَا الثَّابِت كَونه مَنْقُولًا عَن الْفَاعِل أَو الْمَفْعُول الَّذِي لم يسم فَاعله وَقَالَ الشلوبين (عيُونا) فِي الْآيَة نصب على الْحَال الْمقدرَة لَا التَّمْيِيز وَلم يثبت كَون التَّمْيِيز مَنْقُولًا من الْمَفْعُول فَيَنْبَغِي أَلا يُقَال بِهِ وَقَالَ ابْن أبي الرّبيع (عيُونا) نصب على الْبَدَل من الأَرْض وَحذف الضَّمِير أَي عيونها أَو على إِسْقَاط حرف الْجَرّ أَي بعيون وَتارَة يكون مشبها بالمنقول نَحْو امْتَلَأَ الْإِنَاء مَاء وَنعم زيد رجلا وَوجه الشّبَه أَن (امْتَلَأَ) مُطَاوع (مَلأ) فكأنك قلت مَلأ المَاء الْإِنَاء ثمَّ صَار تمييزا بعد أَن كَانَ فَاعِلا وَالْأَصْل نعم الرجل ثمَّ أضمر وَصَارَ بعد أَن كَانَ فَاعِلا تمييزا والتمييز بعد أفعل التَّفْضِيل فَاعل فِي المعني إِمَّا حَقِيقَة أَو مجَازًا وَمن تَمْيِيز الْجُمْلَة فِيمَا نَقله أَبُو حَيَّان عَن النَّحْوِيين مُنْكرا على ابْن مَالك حَيْثُ جعله من تَمْيِيز الْمُفْرد قَوْلهم حَسبك بِهِ فَارِسًا وَللَّه دره رجلا وَمِنْه عِنْد ابْن مَالك وَغَيره {وَكفى بِاللَّه شَهِيدا} [النِّسَاء: ٧٩] وَفِي ناصب تَمْيِيز الْجُمْلَة قَولَانِ أصَحهمَا مَا فِيهَا من فعل وَشبهه لوُجُود مَا أصل الْعَمَل لَهُ وَعَلِيهِ سِيبَوَيْهٍ والمازني والمبرد والزجاج والفارسي وَصحح ابْن عُصْفُور أَن الْعَامِل فِيهِ نفس الْجُمْلَة الَّتِي انتصب عَن تَمامهَا لَا الْفِعْل وَلَا الِاسْم الَّذِي جري مجْرَاه كَمَا أَن تَمْيِيز الْمُفْرد ناصبه نفس الِاسْم الَّذِي انتصب عَن تَمَامه وَمَتى صَحَّ الْإِخْبَار بالتمييز عَمَّا قبله نَحْو كرم زيد أَبَا فَإِنَّهُ يَصح أَن يَقع أَب خَبرا لزيد فَتَقول زيد أَب فلك فِيهِ وَجْهَان عوده إِلَيْهِ بِأَن يكون هُوَ الْأَب أَي مَا أكْرمه من أَب وعَلى هَذَا لَا يكون مَنْقُولًا عَن الْفَاعِل وَيجوز دُخُول (من) عَلَيْهِ وَعوده إِلَى ملابسه الْمُقدر بِأَن يكون الْأَب أَبَا زيد لَا زيدا نَفسه أَي مَا أكْرم أَبَاهُ وعَلى هَذَا يكون مَنْقُولًا عَن الْفَاعِل وَلَا يجوز دُخُول (من) عَلَيْهِ وَإِن دلّ التَّمْيِيز على هَيْئَة وعني بِهِ الأول نَحْو كرم زيد ضيفا إِذا أُرِيد أَن زيدا هُوَ الضَّيْف جَازَ أَن يكون ضيفا مَنْصُوبًا على الْحَال لدلالته على هَيْئَة وعَلى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute