أَن الله لَا يري وَهُوَ بَاطِل ورده غَيره بِأَنَّهَا لَو كَانَت للتأبيد لم يُقيد منفيها بِالْيَوْمِ فِي {فَلَنْ أكلم الْيَوْم إنسيا} [مَرْيَم: ٢٦] وَلم يَصح التَّوْقِيت فِي قَوْله {لن نَبْرَح عَلَيْهِ عاكفين حَتَّى يرجع إِلَيْنَا مُوسَى} [طه: ٩١] ولكان ذكر (الْأَبَد) فِي قَوْله {وَلنْ يَتَمَنَّوْهُ أبدا} [الْبَقَرَة: ٩٥] تكْرَار إِذْ الأَصْل عَدمه وَبِأَن استفادة التَّأْبِيد فِي آيَة {لن يخلقوا ذبابا} [الْحَج: ٧٣] من خَارج وَقد وَافقه على إِفَادَة التَّأْبِيد ابْن عَطِيَّة وَقَالَ فِي قَوْله {لن تراني} [الْأَعْرَاف: ١٤٣] لَو بَقينَا على هَذَا النَّفْي لتضمن أَن موسي لَا يرَاهُ أبدا وَلَا فِي الْآخِرَة لَكِن ثَبت فِي الحَدِيث الْمُتَوَاتر
(أَن أهل الْجنَّة يرونه) وَوَافَقَهُ على إِفَادَة التَّأْكِيد جمَاعَة مِنْهُم ابْن الخباز بل قَالَ بَعضهم إِن مَنعه مُكَابَرَة فَلِذَا اخترته دون التَّأْبِيد وَأغْرب عبد الْوَاحِد الزملكاني فَقَالَ فِي كِتَابه (التِّبْيَان فِي الْمعَانِي وَالْبَيَان) إِن (لن) لنفي مَا قرب وَلَا يَمْتَد معنى النَّفْي فِيهَا قَالَ وسر ذَلِك أَن الْأَلْفَاظ مشاكلة للمعاني (وَلَا) آخرهَا ألف وَالْألف يكون امتداد الصَّوْت بهَا بِخِلَاف النُّون وَنقل ذَلِك عَنهُ ابْن عُصْفُور وَأَبُو حَيَّان ورداه وَالْجُمْهُور على أَن الْفِعْل بعد (لن) لَا يخرج عَن كَونه خَبرا كحاله بعد سَائِر حُرُوف النَّفْي غير لَا وَذهب قوم إِلَى أَنه قد يخرج بعد (لن) إِلَى الدُّعَاء كحاله بعد لَا قَالَ الشَّاعِر فِي (لَا) :
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute