هو بالرومية خروصون وبالسريانية دهبا وبالهندية سورن وبالتركية ألطن وبالفارسية زر وبالعربية بعد الذهب النضار ويقال لما استغنى عنه بخلوضه عن الإذابة العقيان واظن منه سمى العقيان وهو مثل الموجود في برارى السودان بنادق كالمهرجات يلتقطها من دخلها من اهل سفالة الزنج - قال الشاعر -
كمستخلص العقيان جاد محكه ... وطاب على احمائه حين يوقد
والتبر يقع على الذهب والفضة كما هو قيل قبل أن يستعمى في عمل وبعضهم يدخل فيهما النحاس ومنهم من يوقع التبر على جميع الجواهر الذائبة قبل استعمالها الا أنه بالذهب اعرف منه بالفضة وغيرها وقيل ان الذهب سمى بالذهب لأنه شريع الذهاب بطئ الاياب إلى الأصحاب - وقيل لن من رآه في المعدن يهت له ويكاد عقله يهذب ويقال رجل ذهب إذا اصابه ذلك - وقيل لدديوجانس، لم اصفر الذهب؟ قال، لكثرة اعدائه فهو يفرق منهم - وفي ديوان الادب ان العسجد هو الذهب - قال وهذا الاسم يجمع الجواهر كلها من الدر والياقوت وليس كذلك فان الذهب وحده إذا سمى عسجدا ولم تسم تلك الجواهر على حدتها عسجدا لزمت الصفة الذهب وفارقتها وكأنه ذهب إلى تاج من عسجد وقد تضمن تلك الجواهر وظن أن العسجد وقع على كل وأحد منها وليس يمتنع أن يقال في مثله تاج من ذهب لا يتجه إلا على الذهب وحده ولا يقع على شيء معه ولكن يكتفي بذكره عن ذكر ما عليه اذ التاج لايخلو من الترصيع فالعسجد إذا هو الذهب فقط - ومن أسمائه الزخرف وهو في الأصل ما زين من القول حتى راح في معرض الصدق ثم نقل إلى التزويق والتزيين في صناعة التصوير ومنه إلى الذهب - قال الله تعالى (أو يكون لك بيت من زخرف) - مزين منقوش بالذهب - وربما جاد سنخ الذهب في معدنه وربما لم يجد كذهب المعدن المعروف بتوت بنك بزرويان في خضرته وذهب الختل في صفرته وذهب ناحية تعز والافغانية في خفته إما ذاتية وإما بنفاخة فيه مملوءة هواء أو ماء - ثم منه ما يتصفي بالنار إما بالإذابة وحدها أو بالتشوية المسماة طبخا له - والجيد المختار يسمى لقطا لأنه يلقط من المعدن قطاعا ركازا زأركز المعدن إذا وجد فيه القطع سواء معدن فضة أو ذهب وربما لم يخلو من شوب ما فخلصته التسوية حتى اتصف بالابريز لخلاصه ويثبت بعدها على وزنه ولم يكد ينقص في الذوب شيئا - قال أبو اسحاق الصائبى -
صليت بنار الهم فازددت صفرة ... كذا الذهب الابريز يصفو على السبك
وقال أبو سعيد بن دوست -
أرى الشيخ ينقص في جسمه ... ويزداد بالسن في حنكته
كما ينقص التبر في وزنه ... ويزداد بالسبك في قيمته
ولمثله قيل، الزاهد في الذهب الأحمر أكرم من الذهب الأحمر - وربما كان الذهب متحدا بالحجر كأنه مسبوك معه فاحتيج إلى دقه والطواحين تسحقه الا أن دقه بالمشاجن أصوب وابلغ في تجويده حتى يقال انه يزيده حمرة وذلك انه ان صدق مستغرب عجيب والمشاجن هى الحجارة المشدودة على أعمدة الجوازات المنصوبة على الماء الجارى للدق كالحال بسمرقند في دق القنب للكواغذ وإذا اندق جوهر الذهب وانطحن غسل عن حجارته وجمع الذهب بالزئبق ثم عصر في قطعة جلد حتى يخرج الزئبق من مسامه ويطير ما يبقى فيه منه بالنار فيسمى ذهبا زئبقيا ومزبقا والذهب الذي بلغ النهاية التي لاغاية وراءها من الخلوص كما حصل لى بالتشوية بضع مرات لا يؤثر في المحك كثير أثر ولا يكاد يتعلق به ولكاد يسبق جموده اخراجه من الكورة فيأذخ فيها في الجمود عند قطع النفخ - واغلب الظن في الذهب المستفشار انه للينه وانه كان في ايام الفرس محظورا على العامة من جهة السياسة وكان للملوك خاصة - ويشبهه في التشبيه قول ذى الرمة -
كأن جلودهن مموهات ... على ابشارها ذهبا زلالا
فالزلال من صفات الماء ولكنه لما ذكر التويه واصله من الماء وصف المشبه بصفاته والماء الزلال اصفي الاشياء واشرفها فأضاف جلالته إلى الذهب كما تقدم في قول أبى ذؤيب -
يدوم الفرات فوقها ويموج
وقال عبيد الله بن قيس الرقيات -
كأن متونهن تظل تكسى ... شعاع الشمس أو ذهبا مذابا
وذهب هو أيضا إلى التعظيم والا فالذهب والفضة والنحاس إذا أذيبت تسأوت في اكتساب الحمرة من النار - وقالت هند بنت عتبة -
فمن يك ذا نسب خامل ... فانا سلالة ماء الذهب