وهو حجر الترياق الفارسي - وهذا شيء صورته كالبلوطة والبسرة مطأول الشكل مبنى على طبقات كقشور البصل ملتف بعضها فوق بعض يفضى فى وسطه إلى حشيشة خضراء تقوم لها مقام اللب للفواكه وهى قاعدة الطبقات ويدل على كونها واحدة فوق اخرى ويضرب لونها من السواد إلى الخضرة - وحكاك خالصه مع اللبن يميل إلى الحمرة وحكاك غير الخالص المعمول للتمويه باق على الخضرة ويستخرج من بطون إلأوعال الجبلية ووجوده بالاتفاق فى الندرة ويسمى حجر التيس نسبة إلى العنز - ومنهم من يصحفه بما هو اصدق واحق واشرف فيقول حجر البيش اذ كان دافعا لمضرته - وربما قالوا باذ زهر الكباش دفعا إياه عن مذمة التيس إلى مدحة الكبش - وإلاصوب فيه الترياق الفارسي لأنه يجلب من نواحي دارا بجرد - وقد قيل ان الوعل يأكل الحيات كما تأكلها إلايايل ثم ترعى حشائش الجبال فينعقد ذلك فى مصارينه ويستدير ذلك بالتدحرج فيها إذا ترياق فاروق بأقراص إلافاعي طبيعي غير صناعي ويطلى بماء الرازيانج على اللسعات فيزول الوجع من ساعته ويعود لون البشرة إلى حالته - قال أبو الحسن الترنجى - أن حية قتالة لسعت جنديا فى بعض المعارك ولم يحضر رئيسه غير باذ زهر الكباش فسقاه منه في الشراب اقل من قيراط وأطعمه ثوما فما لبث ان تنقط بدنه وبال الدم وتخلص ولقد يخزن فى خزائن الملوك ويقد يغالي في ثمنه ويتنافس فيه ولعمرى انه اشرف ما يخزن فيها من الجواهر لانتفاع الروح به دونها - ويشبه ترياق اللحظة يلتقط من عيون الايايل وهو كالرمض فى مآقيها - وذكر الأخوان ان قيمة الموجود من حجر الكباش من وزن درهم إلى ثلاثين درهما مائة دينار إلى مائتى دينار - وزعم قوم ان هذا الترياق الفارسي يوجد من الوعل فى مرارته كما يوجد جأويزن فى مرارة الثور - قال حمزة - ان جأويزن تعريب كأوزون بالفارسية وهو شيء اصفر كمخة بيضة من وزن دانق إلى اربعة دراهم يكون سيإلا مدحرجا وقت اخراجه من المرارة ثم يجمد إذا أمسك فى الفم ساعة ويصلب ويكون أكثره بأرض الهند ومنه يجلب ويستعمله الناس في الترياق ويزعمون انه يفتح السدد ويذهب بالصفار كما يفعله الترياق الفارسي والله اعلم -
[في ذكر المومياي]
المومياى يماسب العنبر ولبنى من الطيب ويناسب ما نحن فيه بالخزن للعزة وأعانه من انكسر في بدنه عظم - وقد عدد في كتاب إلايين في الأدوية التي كانت في خزائن الاكاسرة مبذولة لمن لا يقدر عليها من المضطرين مفردات ومركبات ومدبرات للتعتيق وغيره - وذكر فيها نوعان من المومياى حار وبارد والبارد منها عجيب فان المومياى صنف من أصناف القير والبرودة في القير غريب والأقاويل فيه كثيرة مختلفة وتقدم أصنافها ليكون معيارا لغيره - وقال صاحب أشكال الأقاليم المومياى بدار ابجرد للسلطان فى غار من جبل عليه حفظة موكلون به وفى السنة وقت معلوم تحضر فيه الحكام وأصحاب البرد وثقات السلطان فيفتحونه وقد اجتمع في نقرة حجر هناك في أسفله قدر رمانة من المومياى فيختم عليها بمشهد من أولئك الأمناء ويرضخ منه كل من حضر بشيء يسير هو الصحيح وما عداه فزور - وبقربه قرية يسمى آببن فينسب اليها ويقال موم آبين - وحمل غيره هذا إلاسم على التشبيه بالشمع اى ان عادته كعادة الشمع في اللين والذوب - وقال السري الموصلي معنى اسمه شمع الماء ولا يدرى أحد من أين يجرى وينبع - وله بفارس بيت مقفل عليه حري عدول يفتحونه كل سنة بأمر السلطان وحضور الشائخ وفى مجرى الماء حوض نصبت عليه مصفاة كالغربال يجرى فيها الماء إلى خارج فيبقى المومياى فيجمد ويؤخذ إلى الخزانة - وقال أبو معاذ الجوى مكاني هو فارسي الجوهر ونوع من القار - وهكذا قال الدمشقي أيضا - وفى كناش الخور - انه يؤتى به من ارض ماه شبه القير وهو صمغ يجرى من حجر بين الجبال واتهم مترجم الكتاب بأن لفظة الصمغ تتجه على ما سال من الشجر نضجا وبالطوع وما كان بالكره يسمى عصارة - وماه عبارة عن ارض الجبل فان الماهين ماه البصرة وهو الدينور وماه الكوفة نهأوند باسم المأسور منها الذي صالح حذيقة عنها والاهواز اقرب إلى كل واحد من فارس والجبل من ان يخفى على الخوز منهما أمر المومياى وما اتصل بنا فيه إلا ما تقدم