والبلور على أنواع الجزع بالقياس إلى القطب لا يخالفه ويجلب من جزائر الزنج والدبيجات إلى البصرة ويتخذ بها منه الأواني وغيرها وفى موضع العمل هناك مقدر يوضع عنده القطع الكبار والصغار فيرى فيها ويهندس احسن ما يمكن أن يعمل منها وأوفقه للنحت ويكتب على كل واحد منها ثمل تحمل إلى سائر الصناع فيعملون بقوله ويأخذ من الأجرة أضعاف أجورهم بكنه الفرق بين العلم والعمل - هذا البلور يكون في رقة الهواء وصفاء الماء فان اتفق فيه موصع منعقد ناقص الشفاف بغيم أو ثقب اخفى بنقش ناتئ أو كتابة بحسب اللباقة فى الصناعة والاقتدار على التقدير - فان فشا فيه هذا التعقد حتى أبطل شفافه سمى ريم بلور أى وسخه - ويجلب من كشمير بلور إما قطاع غير منحوتة واما منحوت منها أوان وأقداح وتماثيل الشطرنج وكلاب النرد وخرز بقدر البندق لكنه يتخلف من حسن الزنجي في الصفاء والنقاء ولا صنيعهم لها في لطافة صنعة أهل البصرة - ويوجد فى الجبال منه قطاع وتكثر في حدود وخان وبدخشان ولكنها لا تقصد للجلب - قال الكندي - أجود البلور الأعرابي يلقط من براريهم من بين حصاها وقد غشى بغشاء رقيق عكر ويوجد منه ما يوازن الرطلين كما يلقط أيضا بسرنديب وهو دون الأعرابي في الصفاء - ومنه ما يخرج من بطن الأرض فان كان في ارض العرب كان أجود - قال - ورأيت منه قطعة زادت على مائتي رطل وإنما كانت كثيرة الغيم والثقوب - وله معدن بأرمينية وآخر ببدْ ليس من تخومها يضرب لونه إلى الصفرة - وأما نصر فانه قسمه إلى أربعة أنواع أولها الأعرابي وقد وصفها بصفات الكندي إياه وزاد عليه إن ضياء الشمس إذا وقع عليه رؤى منه ألوان قوس قزح - وكان واجبا عليه ان يشترط فان ذلك فى المنكسر دون المجرود وذلك انه مشابه للجمد وفى مكاسرة المضطربة ترى هذه الألوان أيضا - والثاني يسمى على وجه التشبيه غيميا - والثالث السرنديبى قريب من الأعرابي مخلف الصفاء عنه والرابع مستنبط من بطن إلارض وهو يفوق الأعرابى - قال - ومنه لون أصابته رائحة النار والدخان وهو أرداه - وفى كتاب الأحجار ان البلور صنف من الزجاج يصاب في معدنه مجتمع الجسم وان الزجاج يصاب متفرق الجسم فيجتمع بالمغنيسيا - وتبعه قوم وقالوا في كتبهم ان البلور نوع من الزجاج معدني والزجاج نوع من الزجاج صناعي - وقال حمزة - البلور مناسب الزجاج في بعض الجهات ولم يبن عنه وكأنه عنى الشفاف والنَمّ بما فى جوفه فانهما متباينان بالإذابة لانقياد الزجاج لها وامتناع البلور عنها على ما نذكر فانى لم أشاهدها ولم امتحنها فيها وقال بعضهم فى البلور - انه ماء جامد منعقد وبهذا اقول كما سأذكر - وبسبب مشابهته للماء الصافي شبه حجارة الماء ونفاخاته - وقال ابن المعتز -
أما رأيت حباب الماء حين بدا ... كأنه قحف بلور إذا انقلبا
وقال العوفى -
كأنما القطر على مياهها ... إذا انتشى يطلع من حيث هبط
باب در حولها وصائف ... في رفعهن يرتمين باللّيط
والنفاخات إذا كانت من در لم يشف ولم ير ما فيها ولا ما وراءها وأما تشبيهها بالبلور فهو المستحسن - قال أبو الحسن الموصلى -
كأن حباب الماء فيها غُدَيّة ... قوارير بلّور لدينا تّدهدّه
وقال -
وينداح فوق الماء قطر مدور ... كما طلعت فى وجه السجنجل تنكه
والعجب ما تفق في البلور من الأشكال خلقه - فقد ذكر الحكاك المذكور انه وجد خلال الحصى من التفتيش بناحية ورزفنج معدن اللعل كاعلام النرد وبياذق الشطرنج مثمنة ومسدسة كالمنحوتة بالصناعة - قال الصنوبرى فى بركة -
والسحب ينظمن فوقها سبحا ... نظام مَعنيّة بسبحتها
فواقع قد عدت بياذق الش ... طرنج صفوفا في وسط رقعتها
والرسم في بياذق الشطرنج ان تكون مسدسة النحت وفى كلاب النرد أن تكون مدورة الخرط ثم اصطفافها يكون في حاشية الرقعة المعرضة فان اتفق في وسطها فهو بارد عجيب -