ما أثر الجدرى في خده ... وإنما أثرَّ في قلبي
كنه البدر لِتمّ بدا ... منقَّط باللؤلؤ الرطب
وهذا لعمرى اللؤلؤ الرطب حقا ولكن تصوره عند السماع بهوع من غير ذلك العاشق العمى العين والقلب عن معائب المعشوق - وحكى عن الصاحب بن عباد انه كان يقول اذا سمع قول عوف بن محلم -
ان الثمانين وبلغتها ... قد أحوجت سمعى الى ترجمان
فقال، بلغتها حشوة ولكنها حشوة اللوزينج وقال عدى بن يزيد -
لو كنت الاسير ولا تكنه ... اذاص وعلمت معه ما اقول
ولن يتخلف عنها قول ذى الرمة حسنا ونزاهة -
أسيلة مجرى الدمع هيفاء طَفلة ... رداح كايماض الغمام ابتسامها
كأن على فيها وما ذقت طعمه ... مجاجة خمر طاب فيها مدامها
وتفسير قول ذى الرمة في قول ابن الرومى -
وما ذقته الا بشمّ ابتسامها ... وكم مخبر يبديه للعين منظره
واللؤلؤ في هذا البيت على خلافه فانه وقر في الاسماع وقذى في الاعين وخناق في الآناف وصاب فى الأفواه وشوك في اللمس وقضة في المضجع - ما ابعده من قول الوأوأ الدمشقى في عليل -
ابيض واصفر لاعتدال ... فصال كالنرجس المضّعف
يرشح منه الجبين قطرا ... كأنه لؤلؤ منصّف
وقال الصنوبرى -
الشيب عندى والافلاس والجرب ... هذا هلاك وذا شؤم وذا عطب
ان دام ذا الحك لا ظفر يدوم ولا ... يدوم جلد ولا لحم ولا عصب
أما تراه على الكفين منتظما ... كأنه لؤلؤ ما ان له ثقب
كحبة العنب الصغرى تبين ولا ... تزال تعظم مالا يعظم العنب
ولقبوه بحب الظرف ليتهم ... يا نفس ضاعوا كما ضاع ذا اللقب
ثم تجاوز اللؤلؤ في الرطوبة الى الجوهر الرطب باطلاق فقال -
نظمت قلائد زهرها بجواهر ... رطب زمردها ند عقيانها
بل من زمرد والعقيان الى ادون الخرز -
ياغُصنا من يسبج رطب ... أصبح منك الدر في كرب
وما يزيدك استيقانا بسوء أبي القاسم لأبي تمام انه قال في قوله -
فكل كسوف في الدرارى شنعة ... ولكنه في الشمس والبدر أشنع
كسوف الكواكب ان يسترها كوكب فلكه دونها ولا يتفقده الا المنجمون فليست فيه شنعة لان الشنعة تكون فيما عمت رؤيته - وقد جعلخ ابو تمام فيها شنهة وفى النيرين اشنع وقد علمت ان معنى الشنعة ها هنا وهو الاستنكار بالاستبداد والخسوف والكسوف والخسوف مستعملان فيما يغشى النيرين من ذهاب نور بعضهما او كليهما في المحاق والامتلاء لايتفقان معا الا في وقت انتقاض البنية كما قال تعالى (فإذا برق البصر وخسف القمر - وجمع الشمس والقمر) ومن وصف ذلك بالكسوف في كليهما فانه متحرف من الأشباه مع الخسوف الكائن مع بعض الزلازل - وأما في الكواكب فالقمر يسترها كستره الشمس فيجوز ان يسمى كسفا لها لان حرمته وقد يمكن ان يكون قليل النور فيفنيها في السواد وإما بعضها مع البعض فليس يعرض فيه انسلاخ نور بل اتحاد - ورسم المنجمين ان يسموه كسوفا لها الستر والناحذيه أليق - وأبو تمام ذكر ذلك على عادة هذه الفرقة وبسبب ان ذلك غير متفق الا في الأحايين المتراخية لايفطن لها الجمهور فظنتهم لاتفاقه في النيرين لأنه اظهر واثبت وأمرهما الى القلوب اقرب إذ هما آتيا الليل والنهار وكسوفهما وقت لإقامة عبادة معينة كالصلاة المكتوبة في كل يوم وليلة عند طلوع الفجر ومغيب الشفق وزوال الشمس وغروبها فالحقوق الى صلاة الكسوف يزيد العامة فزعا وجزعا وخاصة إذا انضاف إلى ذلك همز القصاص وهذيان المنجمين في صنوف دلالتهما في العلية والسفلة وليس ينفك الناس بين الخاص والعام والشمس عندهم دليل الأكابر والقمر دليل الأصاغر وأبو تمام مظلوم جدا من أبي القاسم في اكثر الامر -
صفات اللآلئ وألقابها عند الجوهريين