وقال جابر بن حيان في كتاب الرحمة، انه كان عندنا مغناطيس يرفع وزن مائة درهم من الحديد ثم انه لم يرفع بعد مضى زمان عليه وزن ثمانين درهما ووزنه على حاله لم ينقص شيئا وإنما النقصان وقع في قوته وهذا موافق لمإذا ذكرنا من حف البارزمنه للشمس والهواء - وذكر أيضا ان وجد منه ثلاثون أستارا مجذب وزن ستمائة درهم حديد والثرثون أستارا تكون مائة وثلاثين درهما فيكون جذبه لثلاثة امثال نفسه وثلث المثل وذلك نادر عجيب - وكان ورقك المحبوسى عمل عمل الإسراف في معادن الذهب بخشباجى فوجد مغناطيسا لم يشابه أنواعه في السواد والكمودة وإنما شابه لونه ألوانه وأنواعه مرآة الحديد المجلوة حتى مالت الظنون فيه انه حديد - واتزن منه تسعة دراهم وجذب مثل وزنه حديدا - قال جالينوس هو في معدنه اقوى من الحديد ويتشابهون في المنظر وهو يجذب الحديد والجديد لا يجذبه ويحتاج في تمييزه ما ذكر إلى فطنة ودرية بسوء الظن - وذكر انه جذبه الحديد يضعف بالثوم والبصل إذا دلك بهما وانه يعود إلى فعله ويقوى إذا نقع في الخل أياما وقيل أيضا في دم التيس - والجذب والانجذاب يوجد في أشياء كثيرة سواهما فالنفط يجذب النار إلى نفسه والحجر الزيتونى يجذب الزيت أليه وبه سمى وحجر الخل الخل وحجر الحبن الماء من بطون المستسقين وكل هذه مشهرة وان لم نشاهدها نحن - وطاف ابريسم المطبوخ إذا خلى فدلى بالقرب من الثياب انجذب أليها بل شعر السناتير إذا أمر اليد على ظهورها ثم وقعت عنها قليلا وأقرت فوقها متجافية فان الشعر يرتفع قائما نحو الكف - وحكى لى بعض أليهود الربانية انه راى مع يهودي آخر حجرا يجذب الذهب إلى نفسه وانه سأومه بخمسين دينارا فتابى عليه - وهذا ان صدق الحاكى كان يسأوى مالا خطيرا ويغنى الصيارفة عن اخراج الزغل من دقاق الذهب الترابى بمغناطيس مطأول غلى هيئة الأصبع يسوطونه فيها ويخضخضونه بينها فيما تصق الزغل به وهو رمل ثقيل اسود يكون مع ذلك الذهب ولا يكاد الغسل ينقيه فيخلصونه بالمغناطيس - ويدل هذا على حديدية في حجر يسمى عورسنك لان هذا الرمل الأسود هو نحاتته - بل هو يدل على أن باقي المال في حباتها السود هو من مثل ذلك الجنس لان المغناطيس يميزها عن سائرها ويباع الأسود المميز من الصاغة لأعمالهم - وقال صاحب كتاب النخب، المغناطيس مهما دلك بالزيت يفر منه الحديد وهرب إلى الوراء - وحمل إلى من بخارا قطعة من المغناطيس قوية الجذب أليها من جميع نواحيها الانقطة فيها كالركن أو الزأوية فأنها كانت تدفع الحديد عن نفسها - بل اعجب منه ان أحد الصناع كان يعمل بين يدي وآلات حفره ونحته من حديد فولاذ مصقولة الأطراف للاعتمال وكنت أضعها على شيء مقبب يسهل عليه تحركها ثم اقرب بعضها من عض فاجد فيها جاذبا غيره ما جمع الجذب والدفع في قطعة وأحدة انسانا -
[في ذكر الخماهن والكرك]
هذا أن حجر أن لا يكاد يكون لها قيمة الا كقيمة الخرزلولا مناكدة الشيعة نواصبهم في التختم بأبيضها ونواصبهم بأسودها للتمايز كتمايز الجيل عن جنبتي اسبيذروذ بذكر العلم الأسود والعلم الأبيض مكان العقيدة والمذهب - وقد كنت اجمع بين هذين الفصين في زوج خاتم كيادا للفريقين معا - واما الخماهن فأجوده الزنجي المتناهي السواد والصقالة الموهمة بياضا على وجهه بالخيال ويستعمله أصحاب المصاحف فلى جلاء ذهبها - قال الشاعر في تشبيه التوث الشامي به -
كأنما التوث على أطباقه ... خماهن بعندهم منقط
قال أصحاب أشكال الأقاليم؟ ان معدنه في جبل مقطم ونواحيه بأرض مصر فان كان كذلك فانه لم ينسب الزنج إلا للونه - وذكر حمزة في الجواهر همانا وانه غرب على الخماناخ وأظن انه عنى الخماهن وعوز سنك يحاكيه في السواد والرزانة ويستعمله المذهبون بدل الخماهن عند عوزهوبزرويان منه صخور كبار وتسميها العرب المعز وأينما وجد من ظهر الأرض وبطنه كان علامة لوجود الذهب ونظن به أن الخماهن لمشابهته الزنجي في اللون والثقل - وجلاءه بالسنباذج المحرق فان غير المحرق لا يجلو الخماهن - وحجر العوز المساوي لحجم القطب يزن مائة وثلاث وثلاثة أرباع