ولجلالة محلها في هذا الباب عبر عن طهارة النفس والقلب بنقاء الثوب والأزرار والجيب - وقال بعض أهل التفاسير في قوله تعالى (وثيابك فطهر) أن معناه قلبك ونيتك وهو محتمل وظاهر الآيه وباطنها كليهما في نهاية الحسن على موجب العقل - وهذا هو صفة المروءة على أقل حدودها فإن كان بعضهم وصفها بأنها حب الرياسة لا تنال إلا بالصيانة وبذل الجهد - وهذه صفة الفتوة لا المروءة - قال النابغة -
رقاق النعال طيب حجزاتهم ... يحيون بالريحان يوم السباسب
قالوا في السباسب أنه يوم الشعانين لأن البيت مقول في الغسانية وكانوا على النصرانية وكأنهم عنوا بالريحان ما كان في أيدي الداخلين مع المسيح عليه السلام بيت المقدس من قضبان الزيتون والأترج وهو تخريج غير بعيد ولكن المقصود في البيت عزة الرياحين أيام قطه المهامه وانهم يحيّون فيها بهلولا يعوزهم ما يعوز غيرهم مثل ما يحمل من الرياحين والبقول في البادية مع من حج من الملوك وكبار المترفين - وكل ما عز وجوده يتيمن به - قال بكر بن النطاح الحنفي -
جئتك بالرامش رامِشْنة ... أطيب من رامِشنة الآس
وهذه الرامشنة ورقتا آس متحدتان إلى الوسط متباينتان منه إلى الرأس وتوجد في الندرة فيحيى بها الكبار وخاصة الديلم - ويتلو الثياب زينة الجواهر أنفسها بحسب الرسومم المعتادة في كل بقعة ولكن طبقة من الخواتيم للذكران والتيجان للملوك وما رصع من الوشح والمناطق والقلانس والقفازات والقضبان والأعمدة لهم ولمن مثل بين أيديهم وللإناث ما لهن من المدارى والأكاليل والأسورة والخلاخيل والحبيرات والمعاضد والعقود حتى يتعداها المبذرون والمترفون إلى ما هو أبعد عن البدن حتى حيطان الدور وسقفها وأبوابها ورواشنها فيجعلونها بمثل حليهم - كل ذلك لتحسين أول ما يلاقى منهم وإظهار التفاخر والتكاثر لتلويح عزة الاستغناء وفضل الاقتدار وبالتمويه لا بالتحقيق -