وفي كتاب اخبار الخلفاء - ان المتوكل جلس لهدايا النيروز فقدم اليه كل علق نفيس وكل ظريف فاخر وان طبيبه جبريل بن بختيشوع دخل فكان يانس به فقال - ما ترى في هذا اليوم - قال، مثل خربشات الشحاذين اذ ليس لها قدر واقبل على ما معى - ثم اخرج من كمه درج آبنوس مضبب بالذهب وفتحه عن حرير أخضر انكشف عن ملعقة كبيرة جوهر لمع منها شهاب ووضعها بين يديه - فراى المتوكل ما لا عهد له بمثله وقال، من اين لك هذا؟ قال، من الناس الكرام - ثم حدث، انه صار الى ابي من أم جعفر زبيدة في ثلاث مرات بثلاث مائة ألف دينار بثلاث شكايات عالجها فيها واحداها انها شكت عارضا في حلقها منذر بالخناق فأشار عليها بالفصد والتطفئة والتغذى بحسو وصفه فاخضر على نسحته في غضارة صينية عجيبة الصفة فيها هذه الملعقة فغمزني ابي على رفعها ففعلت ولففتها في طيلسانى وجاذبنيها الخادم فقالت له لاطفه ومره بردها وعوضه منها عشرة الآف دينار - فامتنعت وقال أبي، يا ستي ان ابني لم يسرق قط فلا تفضحيه في اول كراته لئلا ينكسر قلبه - فضحكت ووهبتها له ولى - هذا وان لم يكن في خبر نسيج الملعقة فلمعان الشعاع في الحكاية يدل من الياقوت على احمره - وسأل عن الآخرتين فقال، انها اليه تغير النكهة باخبار احدى بطانتها اياها وذكرت ان الموت اسهل عليها من ذلك، فجوعها الى العصر واطعمها سمكا وسقاها دردى نبيذ دقل باكراه فغثت نفسها وقذفت فكرر عليها ذلك ثلاثة ايام ثم قال لها، تنكهى في وجه من اخبرك بذلك واستخبريه هل زال - والثالث انها اشرفت على التلف من فواق شديد كان يسمع من خارج الحجرة فأمر الخدم باصعاد جوابي الى سطح الصحن وتصفيفها حوله على الشفير وملأها ماء وجلس خادم خلف كل جب حتى اذا صفق بيده على الاخرى دفعوها الى وسط الدار ففعلوا وارتفع لذلك صوت شديد ارعبها فوثبت وزايلها الفواق - وكانت الجواهر تغرر في ايام بني أمية واوائل ايام دولة بني العباس حتى قالوا انه كان يعمل منها أوان واهذا قال الشافعي في كتاب حرملة، لايجوز استعمال أواني الياقوت والبلور لأن قيمتها قيمة الذهب والسرف فيها اكثر من السرف فيه - وقال في الأم، ان استعمالها مباح لأن المعنى خص الذهب والفضة باالمنع - وحدث بعض الواردين من العراق ان عند ابي طاهر بن بهاء الدولة الذي كان يلى الصبرة ثم ملك بغداد قطعة كبيرة من ياقوت احمر مغروسة في سبيكة ذهب ويسميها جبلا وكأنه كان لفخر الدولة فقد شابهه وصفا - وذكر الحسن والحسين الاخوان الرازيان ان الامير يمين الدولة محمود رحمه الله أراهما ياقوتا على مثل حبة العنب وزنها اثنا عشر مثقالا وانهما قوماها بعشرين الف دينار فصدقهما وقال، هذا كان لتروجنبال الشاه وكان رهنه عند بعض تجارهم على اربع مائة الف درهم ولو لم يسو عنده عشرين الف دينار لما ما كان فكه على انه لم يضاه المثقال والنصف ولا المثقال من الرمانى المربع الموصوف اولا بالنجم - ويحكى عن جولة ان له منه قطعة كبيرة مركبة على آلة الاركاب يأخذها نفران باطراف الاربع حتى يضع هو رجله عليها ويطأ الجوهر فيرفعونه الى العمارية ويستوى فيها على ظهر البغلة - وذكر الأخوان، انه اشترى للأمير الشهيد مسعود اسعد الله درجاته بما نال من الشهادة ايام اقامه بالرى وارض الجبل ياقوت احمر مستطيل على صورة أسد بسبعة الآف دينار نيسلبورية وقيل انه الجيل فكأنه الذى كان يملكه سياه وزير أخي قابوس فانه أخذه عوضا عن حصته من ملك ابيه وكان يحكى انه كأسد اذا قبض الكف عليه كان باديا من جانب الخنصر والابهام - وكانوا يتحدثون اجازته على الرصد بسرنديب شبه الخرافة ان مخرجه حلق رأسه وصاغ له فروة من نحاس ثقبها حتى صارت كالمنخل وجعل فيها موضعا للجوهر وسعه عند نقره القفا وادخل رأسه فيها ولبث الى ان نبت شعره المحلوق وبرز من الثقب والتف على تلك الفروة حتى أخفاها وتوكأ على عكازة وذهب عريانا في صورة المكدين الى ان اجتاز على موضع التعرض - وكنت رأيت بخوارزم في جملة ما كان يصدر في كل سنة من الهدايا الى الامير يمين الدولة سكينا نصابه ياقوت احمر اذا قبضت اليد عليه رؤى طرفاه فوق القبضة وتحتها ولكنه كان منعقدا - فذكرت بعد فصوله انه ربما كان كركندا ثم لم اسمع له خبر بعد ذلك