للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على أن الذي غلب استعماله من بين هاتين التسميتين هو لفظ القرآن بالمدلول المصدري, حتى بات علما شخصيا لهذا الكتاب الكريم. فكان جديرًا بنا -قبل أن نخوض في ظاهرة الوحي وتقصي هذه المباحث القرآنية- أن نبادر إلى معرفة الأصل الاشتقاقي للفظ القرآن الذي يحكي ألفاظا أخر تماثله في اللغات السامية، وإلى الوقوف على المدلولات اللغوية لأهم الأسماء الأخرى التي اختيرت للقرآن وأطلقت عليه، سواء أتشابهت أم لم تتشابه بين الساميات والعربية.

لقد ذهب العلماء في لفظ "القرآن" مذاهب، فهو عند بعضهم مهموز وعند بعضهم الآخر غير مهموز. فممن رأى أنه بغير همز الشافعي والفراء١. والأشعري٢.

أ- يقول الشافعي: إن لفظ القرآن المعرف بأن ليس مشتقا ولا مهموزًا، بل ارتجل ووضع علما على الكلام المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم. فالقرآن عند الشافعي: "لم يؤخذ من قرأت، ولو أخذت من قرأت لكان كل ما قرئ قرانًا، ولكنه اسم للقرآن, مثل التوراة والإنجيل"٣.

ب- ويقول الفراء: إنه مشتق من القرائن, جمع قرينة، لأن آياته يشبه بعضها بعضا فكأن بعضها قرينة على بعض، وواضح أن النون في "قرائن" أصلية٤.

جـ- يقول الأشعري وأقوام يتابعونه على رأيه: إنه مشتق من "قرن الشيء بالشيء" إذا ضمه إليه، لأن السور والآيات تقرن فيه ويضم بعضها


١ الفراء هو أحد نحاة الكوفة وأئمتها المشهورين في اللغة, واسمه يحيى بن زياد الديلمي، ويكنى أبا زكريا، له كتاب في معاني القرآن، توفي سنة ٢٠٧ "انظر طبقات الزبيدي ١٤٣ إلى ١٤٦ ووفيات الأعيان ٢/ ٢٢٨".
٢ هو الإمام أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري الذي تنسب إليه الطائفة الأشعرية، وكتبه مشهورة في الرد على المتبتدعة والجهمية والخوارج والرافضة، توفي سنة ٣٢٤ "انظر وفيات الأعيان ١/ ٣٢٦".
٣ تاريخ بغداد للخطيب ٢/ ٦٢.
٤ الإتقان ١/ ٨٧.

<<  <   >  >>