للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى بعض١.

والقول بعدم الهمز في هذ الآراء الثلاثة كاف للحكم ببعدها عن قواعد الاشتقاق وموارد اللغة.

وممن رأى أن لفظ "القرآن" مهموز: الزجاج٢ واللحياني٣ وجماعة.

أ- يقول الزجاج: إن لفظ "القرآن" مهموز على وزن فعلان، مشتق من القرء بمعنى الجمع، ومنه قرأ الماء في الحوض إذا جمعه؛ لأنه جمع ثمرات الكتب السابقة٤.

ب- ويقول اللحياني: إنه مصدر مهموز بوزن الغفران، مشتق من قرأ بمعنى تلا، سمي به المقروء تسمية للمفعول بالمصدر٥.

والأخير أقوى الآراء وأرجحها، فالقرآن في اللغة مصدر مرادف للقراءة، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ، فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} ٦.

والعرب في الجاهلية حين عرفوا لفظ "قرأ" استخدمواه بمعنى غير معنى التلاوة، فكانوا يقولون: هذه الناقة لم تقرأ سلى قط, يقصدون أنها لم تحمل ملقوحا ولم تلد ولدًا، ومنه قول عمرو بن كلثوم:

هجان اللون لم تقرأ جنينا٧

أما قرأ بمعنى "تلا" فقد أخذها العرب من أصل آرامي وتداولوها،


١ البرهان ١/ ٢٧٨.
٢ الزجاج: هو إبراهيم بن السري، ويكنى أبا إسحاق، صاحب كتاب "معاني القرآن" توفي سنة ٣١١ "انظر إنباه الرواة ١/ ١٦٣".
٣ اللحياني: هو أبو الحسن علي بن حازم، اللغوي المشهور المتوفى سنة ٢١٥، وقد فاد ابن سيده من كتبه في تأليف "المخصص".
٤ البرهان ١/ ٢٧٨.
٥ الإتقان ١/ ٨٧.
٦ ويرى بعض المفسرين أن منه أيضا قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ، عَلَّمَ الْقُرْآنَ} أي: القراءة.
٧ لسان العرب ١/ ١٢٦.

<<  <   >  >>