للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمقربين١. فمن ذا الذي يماري محمدا فيما رآه، وما طغى بصره ولا زاغت عيناه؟

ولئن كان الوحي حقيقة مشهودة مرئية فإن عبادة العرب للات والعزى ومناة وسائر أصنامهم الأخرى أوهام وأساطير, وحين زعموا أن هذه الأصنام ملائكة وأن الملائكة بنات الله، لم يركنوا إلا للظن والهوى، ولم يعرفوا سوى الجور في القسمة, فإنهم يكرهون البنات، وقد نسبوا إلى الله ما يكرهون, وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الله إناثًا!.

ولكن هذه الأسماء التي يخلعونها على أصنامهم تارة، وعلى الملائكة تارة أخرى، ليس وراءها مدلول، ولا يؤيدها منطق ولا سلطان, فما أجدر النبي أن يعرض عن أولئك الجاهلين ويهمل شأنهم موجها وجهه للذي فطر السموات والأرض ليجزي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته.

وإن مفهوم المسئولية والجزاء لقديم راسخ الجذور منذ بعث الله النبيين مبشرين ومنذرين، فكلهم متفقون على أصول العقائد، وكلهم يدعون الناس إلى تحمل تبعاتهم بأنفسهم, ثم إلى الله منتهى كل شيء، ومرجع كل نفس لتدافع عن نفسها، ولقد نطقت بهذا كله صحف إبراهيم وموسى، مثلما نطقت بقدرة الله على الجمع بين النقيضين في نشأة الإنسان وحياته وموته وبعثه ونشوره، فقد خلق الله في الإنسان دواعي الضحك ودواعي البكاء, وقد جهزه للموت بعد أن أعده للحياة، وجعل في الإفراز المنوي المراق خصائص الذكر أو خصائص الأنثى, أفليست النشأة الأخرى أهون عليه من النشأة الأولى؟


١ إن لك هنا أيضا أن تأخذك الدهشة إذا علمت أن "جنة المأوى" أصبحت في نظر شبرنجر ومولر دارة أو "فيلا" تحيط بها حديقة غناء في ضواحي مكة!!.
انظر Sprenger, Das Leben und die lehre des Mohammad ٣٠٧ Muller, der Islam I, ٦٥.

<<  <   >  >>