للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلق١ واستنكروا موقف جماعة منهم الزمخشري ظنوا أن "القراءات اختيارية، تدور مع اختيار الفصحاء واجتهاد البلغاء"٢، فما وافق العربية والرسم ولم ينقل بإسناد صحيح كإسناد المحدثين الثقات فهو مردود، وكم من قراءة أنكرها بعض أهل النحو أو كثير منهم ولم يعتبر إنكارهم كإسكان "بَارِئْكُم" و"يَأْمُرْكُم" وخفض "وَالْأَرْحَامِ" ونصب "لِيَجْزِي قَوْمًا" والفصل بين المضافين في "قَتْلُ أَوْلادَهُمْ شُرَكَائَهُمْ" وغير ذلك٣، فلا غرابة إذا وقف القراء موقفا شديدا من أبي بكر بن مقسم٤ الذي كان يختار من القراءات ما بدا له أصح في العربية ولو خالف النقل أو رسم المصاحف فعقدوا له مجلسا، وأجمعوا على منعه٥، وعقدوا مجلسا آخر لابن شنبوذ٦ لاستتابته مما كان آخذا فيه من كتابة القرآن على ما يعلمه من قراءتي أبي وأبو مسعود٧.

وقد انعقد المجلسان بأمر شيخ القراء ابن مجاهد الذي عرفنا أنه أول من


١ الإتقان ١/ ١٣٢.
٢ البرهان ١/ ٣٢١.
٣ الإتقان ١/ ١٣٠ وانظر في "إتحاف فضلاء البشر ص١٨٥" كيف يوجه الدمياطي قراءة حمزة "وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامِ" سورة النساء١، فقد جرت الميم عطفا على الضمير المجرور في "به" على مذهب الكوفيين، وانظر في "الإتحاف أيضا ص٢١٧" توجيه قراءة ابن عامر "وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلُ أَوْلادَهُمْ شُرَكَائَهُمْ" فقد رفع "قتل" على أنه نائب فاعل لزين, ونصب "أولادهم" على أنه مفعول به للمصدر, وجر "شركائهم" على إضافة المصدر إليه فاعلا.
٤ هو محمد بن الحسن بن يعقوب المشهور بابن مقسم, أحد نحاة بغداد وقرائها، توفي سنة ٣٥٤ "انظر طبقات القراء ٢/ ١٢٣".
٥ الإتقان ١/ ١٣٢. وانظر طبقات القراء ٢/ ٥٤.
٦ هو محمد بن أحمد بن أيوب بن شنبوذ، أحد قراء بغداد ونحاتها توفي سنة ٣٢٨ "انظر ترجمته في طبقات القراء ٢/ ٥٢".
٧ قارن بما يقوله المستشرق ماسينيون:
Massignon "L.", Al- Hallaj. Martyr mystique de l'Islam, p.٢٤٣, note ٤.
ولهذا السبب نفسه لم تقبل قراءة الأعمش، فإنه كان يتبع قراءتي أبي وابن مسعود، وانظر في "كتاب المصاحف ص٩١" بعض أوجه قراءته.

<<  <   >  >>