للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جمع القراءت السبع، وكان ابن مجاهد قد أخذ القراءة عن شاذان الرازي الذي عنه أخذ أيضا كل من ابن مقسم وابن شنبوذ، ولكن اشتراك الثلاثة في التلقي عن شيخ واحد لم يمنع ابن مجاهد من التشدد مع زميليه١ لإجماع القراء في عهده على الأخذ بالأثبت في الأثر والأصح في النقل, وليس الأفشى في اللغة والأقيس في العربية٢، ومع ذلك عني بعض اللغويين والنحاة بتتبع القراءات الشاذة فألف ابن خالويه "ت سنة ٣٧٠هـ" كتابا في هذه القراءات سماه "المختصر في شواذ القراءات"٣ وصنف ابن جني٤ كتابه "المحتسب في توجيه القراءات الشاذة"، ووضع أبو البقاء العكبري٥ كتابا أوسع وأشمل سماه "إملاء ما من به الرحمن من وجوه الإعراب والقراءات في جميع القرآن"، ولم يتردد بعض العلماء في إطلاق القول بأن "توجيه القراءة الشاذة أقوى في الصناعة من توجيه المشهورة٦"، ووجدوا في توجيه الشاذ عونا على معرفة صحة التأويل, فقراءة ابن مسعود "وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُمَا" بدلا من "أَيْدِيَهُمَا" ساعدت على فهم


١ وقد أشار المستشرق بلاشير إلى ذلك من غير أن يجد له تعليلا منطقيا. انظر:
Blachere, Intro.cor., p.١٢٨, note ١٦٩.
والتعليل الطبيعي لهذا كله ما ذكرناه من ضرورة الاعتماد على النقل الصحيح في أمثال هذه الموضوعات.
٢ الإتقان ١/ ١٣٠.
٣ وقد نشر المستشرق برجشتراسر Bergstrasser هذا الكتاب في القاهرة سنة ١٩٣٤ وهو المجلد السابع من "مجموعة المكتبة الإسلامية".
T. Vll, Bibliotheca Islamica وابن خالويه هو الحسين بن أحمد، أبو عبد الله الهمذاني, إمام في العربية, له كتب كثيرة أشهرها الاشتقاق وكتاب ليس, وكتابه عن شواذ القراءات. توفي في حلب سنة ٣٧٠ "بغية الوعاة ص ٢٣٢".
٤ هو أبو الفتح عثمان بن جني، من أئمة اللغة والنحو، له كتاب الخصائص، وسر الصناعة والتصريف، توفي سنة ٣٩٢ انظر "نزهة الألباء ص ٤٠٦". أما كتابه "توجيه القراءات الشاذة" فمنه نسخ مخطوطة في دار الكتب بالقاهرة.
٥ هو عبد الله بن الحسين المشهور بأبي البقاء العكبري، توفي سنة ٦١٦ "انظر ترجمته في بغية الوعاة ٢٨١" وكتابة "إملاء ما من به الرحمن" طبع في المطبعة الميمنية بالقاهرة سنة ١٣٢١.
٦ البرهان ١/ ٣٤١.

<<  <   >  >>