للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما يقطع في حد السرقة، وقراءة سعد بن أبي وقاص "وله أخ أو أخت من أم فكل"١ ... صرحت بنوع الأخوة في هذه القضية التشريعية المتعلقة بالميراث، وقراءة عمر بن عبد العزيز التي تحكى أيضا عن الإمام أبي حنيفة "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءَ"٢ برفع اسم الجلالة ونصب العلماء بينت أن الغرض من تخصيص العلماء بالخشية إظهار مكانتهم ودرجتهم عند الله، "وتأويله -كما يقول الزركشي- أن الخشية هنا بمعنى الإجلال والتعظيم، لا خوف"٣ ويضيف الزركشي: "فهذه الحروف وما شاكلها قد صارت مفسرة للقرآن, وقد كان يروى مثل هذا عن بعض التابعين في التفسير فيستحسن ذلك, فكيف إذا روي عن كبار الصحابة ثم صار في نفس القراءة! فهو الآن أكثر من التفسير وأقوى، فأدنى ما يستنبط من هذه الحروف صحة التأويل٤، ومن هنا شاع على ألسنة العلماء: "اختلاف القراءات يظهر اختلاف الأحكام"٥. على أن توجيه بعض القراءات الشاذة لم يخل من التكلف، وقد يستهجن بادئ الرأي ثم لا يدفع الاستهجان إلا التأويل كقراءة: "هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوَّرَ" بفتح الواو والراء، على أنه اسم مفعول، وتأويله أنه مفعول لاسم الفاعل، الذي هو البارئ فإنه يعمل عمل الفعل كأنه قال: الذي برأ المصوَّر! ٦.

وتوجيه القراءات الشاذة لاستنباط غرائب التأويلات من بعض وجوهها كان لونا من الترف العلمي الذي شغف به علماء الإسلام خلال دراساتهم الواسعة المتشعبة لكل ما يتعلق بالقرآن: فكما شغلوا أنفسهم بمعرفة عدد آيات


١ سورة النساء ١٢ وقراءة حفص ليس فيها "من أم".
٢ سورة فاطر ٣٨ "انظر تفسر القرطبي ١٤/ ٣٤٤".
٣ البرهان ١/ ٣٤١.
٤ البرهان ١/ ٣٧٧.
٥ الإتقان ١/ ١٤١.
٦ البرهان ١/ ٣٤١ ولا يخفى ما في هذا التأويل من بعد وتكلف.

<<  <   >  >>