الأمي الذي لا يكتب- أنه قال لمعاوية، أحد كتبة الوحي:"ألق الدواة وحرف القلم، وانصب الباء، وفرق السين، ولا تعور الميم، وحسن الله، ومد الرحمن، وجود الرحيم, وضع قلمك على أذنك اليسرى, فإنه أذكر لك"١. ومن المتحمسين لهذا الرأي ابن المبارك الذي نقل في كتابه "الإبريز" عن شيخه عبد العزيز الدباغ أنه قال له: "ما للصحابة ولا لغيرهم في رسم القرآن ولا شعرة واحدة، وإنما هو توقيف من النبي، وهو الذي أمرهم أن يكتبوه على الهيئة المعروفة بزيادة الألف ونقصانها، لأسرار لا تهتدي إليها العقول، وهو سر من الأسرار التي خص الله به كتابه العزيز دون سائر الكتب السماوية. وكما أن نظم القرآن معجز فرسمه أيضا معجز! وكيف تهتدي العقول إلى سر زيادة الألف في "مائة" دون "فئة"، وإلى سر زيادة الياء في {بِأَييْدٍ} ، و {بِأَييْكُمْ} ، أم كيف تتوصل إلى سر زيادة الألف في {سَعَوْا} بالحج، ونقصانها من {سَعَوْ} بسبأ؟ وإلى سر زيادتها في {عَتَوْا} حيث كان ونقصانها من {عَتَوْ} في الفرقان؟ وإلى سر زيادتها في {آمَنُوا} ، وإسقاطها من {بَاؤُ، جَاؤُ، تَبُوؤُ، فَاؤُ} بالبقرة؟ وإلى سر زيادتها في {يَعْفُوَا الَّذِي} ، ونقصانها من {يَعْفُوَ عَنْهُمْ} في النساء؟ أم كيف تبلغ العقول إلى وجه حذف بعض أحرف من كلمات متشابهة دون بعض، كحذف الألف من {قُرْءَنا} بيوسف والزخرف، وإثباتها في سائر المواضع؟ وإثبات الألف بعد واو {سَمَواتٍ} في فصلت وحذفها من غيرها، وإثبات الألف في {الْمِيعَادِ} مطلقا، وحذفها من الموضع الذي في الأنفال؟ وإثبات الألف في {سِرَاجًا} حيثما وقع, وحذفه من موضع الفرقان؟ وكيف تتوصل إلى حذف بعض التاءات وربطها في بعض؟ فكل ذلك لأسرار إلهية, وأغراض نبوية.
وإنما خفيت على الناس لأنها أسرار باطنية لا تدرك إلا بالفتح الرباني، بمنزلة الألفاظ والحروف المقطعة التي في أوائل السور، فإن لها أسرارا عظيمة،