للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بقواعد اللغة وأصول الشرع، أو تأييد بعض الأهواء بآيات من القرآن زورا وبهتانا، أما إذا كانت الشروط المطلوبة متوافرة في المفسر فلا مانع من محاولته التفسير بالرأي، بل لعلنا لا نبعد إن قلنا: إن القرآن نفسه يدعو إلى هذا الاجتهاد في تدبر آياته وفقه تعاليه، قال تعالى: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} ١ وقال: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} ٢.

وقد نقل السيوطي عن الزركشي "في البرهان" خلاصة الشروط التي لا بد منها لإباحة التفسير بالرأي٣، فرآها تندرج تحت أربعة:

الأول: النقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع التحرز عن الضعيف والموضوع.

الثاني: الأخذ بقول الصحابي، فقد قيل: إنه في حكم المرفوع مطلقا، وخصه بعضهم بأسباب النزول ونحوها مما لا مجال للرأي فيه.

الثالث: الأخذ بمطلق اللغة مع الاحتراز عن صرف الآيات إلى ما لا يدل عليه الكثير من كلام العرب.

الرابع: الأخذ بما يقتضيه الكلام، ويدل عليه قانون الشرع. وهذا النوع الرابع هو الذي دعا به النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس في قوله: "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل".

وأشهر التفاسير التي تتوافر فيها هذه الشروط تفسير الرازي٤ المسمى "مفاتيح الغيب" وتفسير البيضاوي المسمى "أنوار التنزيل وأسرار التأويل" وتفسير أبي السعود٥ المسمى "إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم" وتفسير النسفي٦ المسمى "مدارك التنزيل، وحقائق التأويل" وتفسير


١ سورة محمد ٢٢.
٢ سورة ص٢٩.
٣ انظر الإتقان ٢/ ٣٠٤ والبرهان ٢/ ١٥٦-١٦١.
٤ هو الإمام فخر الدين محمد بن عمر الرازي، توفي سنة ٦٠٦ "انظر وفيات الأعيان ١/ ٤٧٤".
٥ هو محمد بن محمد بن مصطفى بن أحمد بن الطحاوي. توفي سة ٩٨٢هـ.
٦ هو أبو البركات عبد الله بن أحمد بن محمود النسفي سنة ٧١٠.

<<  <   >  >>