للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبي قلابة أنه قال: "لما كان في خلافة عثمان جعل المعلم يعلم قراءة الرجل، والمعلم يعلم قراءة الرجل، فجعل الغلمان يلتقون فيختلفون حتى ارتفع ذلك إلى المعلمين، حتى كفر بعضهم بقراءة بعض، فبلغ ذلك عثمان فخطب فقال: "أنتم عندي تختلفون فيه وتلحنون، فمن نأى عني من أهل الأمصار أشد فيه اختلافا وأشد لحنا. اجتمعوا يا أصحاب محمد فاكتبوا للناس إماما"١.

وساعد على هذا الاختلاف أن مصاحف أخرى مشهورة قد عرفت إلى جانب صحف حفصة في الزمن الممتد من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم حتى جمع عثمان الناس على مصحف واحد. وأشهر تلك الصحف اثنان منسوبان إلى اللذين قاما بجمعهما:

وهما مصحف ابن كعب ومصحف عبد الله بن مسعود٢.

ولعل بعض المصاحف الأخرى التي لم تعرف ولم تشتهر كانت كذلك موجودة، كما يذكر ابن النديم في "الفهرست" وابن أبي داود في "المصاحف" وابن أشتة في "المصاحف" وإن كنا لا نميل إلى المبالغة في


١ تفسير الطبري ١/ ٢١ وتجد مثل هذا النص في الإتقان ١/ ١٠٢-١٠٣ نقلا عن ابن أشتة في كتاب المصاحف من طريق أيوب عن أبي قلابة أيضًا. وفي الرواية بعد ذلك: "فاجتمعوا فكتبوا، فكانوا إذا اختلفوا وتدارءوا في أي آية قالوا: هذه أقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلانًا، فيرسل إليه وهو على رأس ثلاث من المدينة, فيقال له: كيف أقرأك رسول الله صلى الله عليه وسلم آية كذا وكذا؟ فيقول:كذا وكذا, فيكتبونها، وقد تركوا لذلك مكان". ويقرب من هذا ما في كتاب المصاحف لابن أبي داود ص٢١ والمقنع لأبي عمرو الداني ص٨.
٢ وصاحبا هذين المصحفين من أجل الصحابة وأعلمهم بكتاب الله، أما أبي فبلغ من فضله وثقة الناس بعلمه أن كان الناس يكتبون عنه وهو يملي عليهم حين جمع القرآن في المصحف على عهد أبي بكر رضي الله عنه "انظر كتاب المصاحف لابن أبي داود ص٩".وأما عبد الله بن مسعود فهو أحد الأربعة الذين أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بأخذ القرآن عنهم في حديثه المشهور: "خذوا القرآن عن أربعة: عبد الله -يعني ابن مسعود- وسالم مولى أبي حذيفة، ومعاذ بن جبل, وأبي بن كعب". انظر البخاري ٦/ ١٨٦.
ويلي هذين المصحفين في الشهرة مصحف أبي موسى الأشعري ثم مصحف المقداد بن عمرو، "انظر طبقات ابن سعد ج٣ ق١ ص١١٤-١١٦".

<<  <   >  >>