للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال علي أيضا: "لو وليت ما ولي عثمان لعملت بالمصاحف ما عمل"١.

وإن الباحث ليساءل: أين أصبحت المصاحف العثمانية الآن؟ ولن يظفر بجواب شاف على هذا السؤال، فإن الزركشة والنقوش الفاصلة بين السور أو المبينة لأعشار القرآن تنفي أن تكون المصاحف الأثرية في دار الكتب بالقاهرة عثمانية، لأن المصاحف العثمانية كانت مجردة من كل هذا. على أن بعض المستشرقين جمعوا الكثير من الروايات التاريخية التي تؤكد رؤية بعض العلماء القدامى للمصاحف أو لسور منها في أمصار إسلامية معينة, وفي طليعة هؤلاء المستشرقين الأستاذ كواترمير Quatremere كما أشار إلى ذلك كل من برجشتراسر وبرتزل في دراستهما لتاريخ النص القرآني٢. ثم إن المستشرق كازانوفا اعتمد على دراسة سلفه كواترمير فأعاد النظر فيها واستدرك عليها الكثير، ومنه علمنا أن أحد المصاحف العثمانية كان في مستهل القرن الرابع الهجري معروفا في بعض الأوساط العلمية٣، وأن الرحالة المشهور ابن بطوطة رأى بنفسه بعض تلك المصاحف التي يظن أنها عثمانية. أو بعض صحائف منها فقط، في غرناطة ومراكش والبصرة وبعض المدن الأخرى.


١ البرهان ١/ ٢٤٠، وشبيه بهذا ما في كتاب المصاحف لابن أبي داود ص١٢. ولكن، بلاشير يرى أن علي بن أبي طالب لم يقف هذا الموقف المؤيد من إحراق عثمان للمصاحف الفردية، بل كان تأييده له في إعدامه لما جمع من القرآن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم مفرقا في الرقاع والأكتاف والأقتاب والعسب. إذ كفى الأمة شر الاختلاف بإزالة تلك الآثار المتفرقة التي يخشى أن تزيد مع الأيام أسباب الشقاق "Blachere,Intr, ٦٣" وغاية بلاشير من ذلك واضحة، وهي التشكيك بموقف علي كرم الله وجهه من صنيع عثمان، وهو بذلك يحمل النصوص ما لا يسعها أن تحمل؛ لأنها تضافرت حتى عند شيعة علي وأنصاره المتحمسين على تلقي عمل عثمان بالرضى والقبول. انظر مقال
Mirza Alexandre Kazem. Jurnal Asiatique, Decembre ١٨٤٣.
وقارن بكتاب الدكتور محمد عبد الله دراز بالفرنسية عن القرآن:
M. A. Draz, Initiation au Koran, p. ٢٤.
٢ انظر Bergestrasser et pretzel. Geschichte des Qoran texts, ٧ sqq.
٣ انظر Casanova, Mohammed et al fia du monde, p. ١٢٥.

<<  <   >  >>