فإذا آل الخلاف إلى صيغ الجموع التي تترتب في صيغ وضع اللسان مسبوقة بصيغ التثنية سواء كانت للسلامة أو للتكسير فنقول: رجلان ورجال ومسلمان ومسلمون فإذا تعين محل النزاع فليقع الكلام وراء ذلك.
فمن ركيك الكلام وغثه تشبيب من ذكرناه باشتقاق الجمع ومصيرهم إلى أن الواحد إذا جمع إلى مثله فقد تحقق فيهما معنى الجمع فإن الخلاف ليس في معنى لفظ الجمع المنتظم من الجيم والميم والعين وإنما الخلاف في حمل الرجال على رجلين والمسلمين على مسلمين فإن سمى مسم بعض هذه الألفاظ جمعا فلا يحكم بهذه اللغة التي استحدثها المتأخرون على موضوع اللفظ.
٢٥٣- فإن قيل: فما المرتضى الآن؟ قلنا هذه المسألة موضوعة على رأى المعممين فمطلق اللفظ معناه في مختارنا ما سبق وإن روجعنا في جواز رد اللفظ عند قيام المخصصات على اثنين أو ثلاثة فعند ذلك ننادى ونقول: إن صار صائرون إلى أنه يمتنع رد معنى اللفظ بالتخصيص إلى اثنين فنحن لا نمنع هذا فقد يبدو للرجل رجلان فيقول: أقبل الرجال ونحن لا نسوى مع ذلك بين الثلاثة والاثنين والرد إلى الثلاثة أهون من الرد إلى اثنين ويستدعي الرد إلى اثنين من ظهور مستند التأويل ما لم يستدعه الرد إلى ثلاثة على ما سنوضح ذلك في كتاب التأويلات إن شاء الله تعالى.
والذي أراه أن الرد إلى رجل واحد ليس بدعا أيضا ولكنه أبعد من الرد إلى اثنين بكثير وها أنا أنزل هذه المراتب الثلاث على حقائقها ليتضح مأخذ كل مرتبة.
٢٥٤- أما فرض الرد إلى واحد فنضرب مثاله ثم نذكر سبيله ومجاله فإذا برزت المرأة لرجل حسن من بعلها أن يقول في توبيخها أتتبرجين للرجال يالكعاء؟ وإن لم تتبرج إلا لواحد وسبيل ضبط هذا القسم [في غرضنا] أن لا يعتقد أنه من مقتضى اللفظ لا في الأقل ولا فيما يزيد عليه ولكن إذا تبين في مقصود المتكلم استواء الواحد والجمع فلا يبعد إطلاق الجمع عند ظهور الواحد من الجنس من جهة أن الأنفة والحمية إنما سببها التبرج للجنس آحادا وجمعا والذي ينقم منها في الواحد ينقم منها في الجنس.
فإذا لاح الفن الذي أشرنا إليه في صوب قصده كان لفظ الجمع كلفظ الواحد ولعل لفظ الجمع أمثل وأشكل وأوفق للقصد والغرض فإذا لم يكن في.