الكلام هذا النوع أو ما يدانيه لم ينقدح حمل صيغة الجمع على الواحد فإن تحققنا عدم هذا الفن فلا وجه للرد للواحد وإذا ترددنا في اقتران مثل ذلك باللفظ [تردد] وقوفنا عن القطع من جهة عدم الإحاطة بوجود القرينة وانتفائها فهذا ما أرضاه في هذه المرتبة.
٢٥٥- فأما الرد إلى اثنين فيسوغ [بما] يسوغ به الرد إلى الواحد ويسوغ بجنس آخر وهو الإشعار بما يزيد على الثالث والجمع فيه من غرض التناصر فيقول القائل إذا بدا رجلان يخافهما وكان لا يبالي بالواحد منهما أقبل الرجال وإطلاق صيغة التثنية ها هنا أمثل وأوفق للنص على الغرض فإن من يحاذر التجمع يتقى من الثلاثة أكثر مما يحاذره من اثنين فليس أطلاق الرجال بعيدا ولكن الأثر كله للقرينة غير أن القرينة إنما تؤثر مع ما في طباع اللفظ من احتمال أثرها والتقاسيم التي ذكرتها في إيضاح اختياري في صيغة العموم توضح ذلك كله.
٢٥٦- فأما القول في الرتبة الثالثة وهو الرد إلى ثلاثة فلا يستدعي ذلك قرينة حاقة في جنس مخصوص وبهذا تنفصل المسألة نعم إن لم يقم دليل وهو مستند التأويل [فقد] بان وجوب الجريان على الظاهر فجمع الكثرة للاستغراق وإن ظهر دليل هو أوضح في مسالك الظن من ظهور مقتضى اللفظ في الاستغراق فهذا أوان تأويل كما سيأتي إن شاء الله تعالى مشروحا في كتاب التأويل وإن عد ما ظهر مناقضا اللفظ فهذا أوان الوقوف.
٢٥٧- وقد ذكر بعض الأصوليين أن من اثار الخلاف في معنى أقل الجمع أن الرجل إذا قال لفلان على دراهم أو أوصى بدراهم فلفظ المقر والموصى محمول على أقل الجمع فإن قيل أقل الجمع اثنان قبل حمل اللفظ عليهما وإن قيل: أقل الجمع ثلاثة لم يقبل التفسير باثنين وما أرى الفقهاء يسمحون بهذا ولا أرى للنزاع في أقل الجمع معنى إلا ما ذكرته فليعلم الناظر أن معظم الخلاف سببه توسط [النظار] النظر من غير استتمام له وقد ظهر في [العقول] تباين الرتب الثلاث وقل من يوفق لدرك سبب التباين فابتدروا إلى الاختلاف في أقل الجمع ولو هدوا للإحاطة بالغايات لما كان لاختلافهم معنى.