للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسألة:

٢٧٣- إذا ورد خطاب الشارع صلوات الله عليه وسلامه على سبب مخصوص وسؤال واقع عن واقعة معينة فقد اختلف الأصوليون في أن الصيغة هل يتعدى سببها في اقتضاء العموم أم يتضمن ورودها على السبب اختصاصها به؟.

فالذي صح عندنا من مذهب الشافعي اختصاصها به.

وعلىهذا يدل قوله تعالى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ} ١ الآية قال رضي الله عنه كان الكفار يحلون الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به وكانوا يتحرجون عن كثير من المباحات في الشرع فكانت سجيتهم تخالف وضع الشرع وتحاده فنزلت هذه الآية مسبوقة الورود بذكر سجيتهم في البحيرة والسائبة والوصيلة والحام والموقوذة وأكيلة السبع وكان الغرض منها استبانة كونهم على مضادة الحق ومحادة الصدق حتى كأنه قال تعالى: "لا حرام إلا ما حللتموه". والغرض الرد عليهم ولولا سبق الشافعي إلى ذلك لما كنا نستجيز مخالفة مالك في مصيره إلى حصر المحرمات فيما ذكر الله تعالى في هذه الآيات والذي نقله من يوثق به من مذهب أبي حنيفة أن الصيغة مجراة على العموم وقد زاد على ادعاء العموم أمرا منكرا إن صح عنه سنختم المسألة به.

٢٧٤- ونحن نقول: إن كان جواب الشارع لا يفرض مستقلا بنفسه لولا تقدم السؤال مثل أن يسأله رجل عن شيء معين قائلا: أيحل هذا؟ فيقول: نعم أو لا فلا سبيل في ادعاء العموم فإن العموم فرع استقلال الكلام بنفسه بحيث يفرض الإبتداء به من غير تقدم سؤال فإذ ذاك يستمسك المستمسكون باللفظ كما سنذكره ويتعلق آخرون بالسبب.

فأما إذا كان الكلام لا يثبت له الاستقلال دون تقدم السؤال والسؤال خاص والجواب تتمة له وفي حكم الجزء منه [فليس بموضع خلاف] .

وأما إذا كان كلام الشارع مستقلا بحيث لو قدر نطقه به ابتداء لكان ذلك شرعا منه وافتتاح تأسيس فهذا موضع الكلام.


١ آية "١٤٥" سورة الأنعام.

<<  <  ج: ص:  >  >>