للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن أحد وقالوا إنما يبدل من أحد عاقل قال النابغة١:

وقفت فيها أصيلا لا أسائلها ... أعيت جوابا وما بالربع من أحد

إلا أوارى لأياما أبينها ... والنؤى كالحوض بالمظلومة الجلد.

فنصب الأواري على الاستثناء ولم ير إجراءها بدلا عن أحد وهذه لغة القرآن وبنو تميم جوزوا مذهب البدل فقالوا: ما جاءني أحد إلا حمار واعتلوا بأن التعبير بالأحد عن غير من يعقل ليس بدعا في مثل قولك أقبل أحد الحمارين في كلام يطول تتبعه.

فهذه التراجم لم نجد بدا من تصدير الباب بها ونحن الآن نعود إلى المسائل [الأصولية] ونرسمها مسألة.

مسألة:

٢٨٤- صيغة الاستثناء إذا انقطعت لم تعمل وألغيت وشرطها في الصحة أن تتصل بالمستثنى عنه وتجري جزءا من الكلام والمرعى في الاتصال أن يعد الكلام واحدا غير منقطع.

٢٨٥- ورأى أصحاب المقالات أن ابن عباس كان يجوز فصل الاستثناء ويعمله وإن طال الفصل بينه وبين المستثنى عنه وذهب بعض الفقهاء إلى أنه يجوز ذلك في كتاب الله تعالى دون غيره.

والرد على من يجوز فصل الاستثناء مدرك بالبديهة يغني وضوحه عن الإطناب في شرحه ولو عملت الاستثناءات المنفصلة لم يثبت ثقة بالعهود والمواثيق ولما أفضى عقد إلى اللزوم ولما علم صدق صادق وكذب كاذب مع ارتقاب الاستثناء فكل ما نذكره تكلف بعد حصول القطع بأن العرب وغيرها من أرباب اللغات لا يرون إمكان [تغيير] الألفاظ الناصة على معانيها وإلحاق الاستثناء بعدها بعد تمادى الآباد وتطاول الأزمان والكلام المسكوت عليه في رفع اللسان غير مستدرك بعد الفصل بالاستثناء.


١ النابغة: هو زياد بن معاوية الذبياني, وهو من الأشراف الذين غض الشعر منهم كما غض من امرئ القيس. توفى سنة "٦٠٤"م له ترجمة في: الأغاني ٩/١٦٢, والشعر والشعراء "٧٠ و ١٢٦", والجمهرة "٥٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>