للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والغامض في هذه المسألة أن ابن عباس وهو حبر هذه الأمة ومرجوعها في مشكلات القرآن كيف يستجيز انتحال مثل هذا المذهب على ظهور بطلانه؟ والوجه اتهام الناقل وحمل النقل على أنه خطأ أو مختلق مخترع والكذب أكثر ما يسمع ويمكن أن يحمل مذهبه على إضمار الاستثناء متصلا ثم يقع البوح بادعاء إضماره مستأخرا فإذا ادعى مدع أن صاحب الكلام مصدق فهذا مذهب على كل حال وإن كان مزيفا وقد صار إليه بعض أصحاب مالك.

٢٨٦- وأما من قال من الفقهاء بتجويز تأخير الاستثناء في كلام الله تعالى دون غيره فإنما حمله عليه خيال من مبادئ كلام المتكلمين الصائرين إلى أن الكلام الأزلي واحد وإنما الترتيب في جهات الوصول إلى المخاطبين وإن كان كل تأخر قد تأخر من الاستثناء به فذلك من سماع السامعين وفهم المخاطبين لا في كلام رب العالمين.

وهذا من هؤلاء اقتحام العمايات والارتباك في غمرات الجهالات فإن استقر هذا العقد في اتحاد كلام [الله تعالى] والحكم عليه ظاهر بما هو الاختلاف حقا والواحد لا يختلف فثبت أن الواحد الذي حقه ألا ينقسم مستثنى عنه واستثناء المستثنى عنه منفى والاستثناء نفي وهيهات أن يشتمل على ذلك فكر عاقل غير مصروف عن درك الحقائق بعرف التقاليد ثم ليس الكلام مع هذا كله في الكلام الأزلي وإنما الكلام في العبارات التي تبلغنا وهي محمولة على معاني كلام العرب نظما ووصلا وفصلا ولا شك أنه لا ينتظم في وضع العربية فصل صيغة الاستثناء عن العبارة التي تشعر بمستثنى عنه فهذا منتهى القول في ذلك.

مسألة:

٢٨٧- إذا اشتمل الكلام على جمل واستعقب الجملة الآخرة استثناء فالمنقول عن الشافعي١ رضي الله عنه: أن الاستثناء ينعطف على الجمل كلها ولا يختص بالجملة الآخرة منها.

وقال أبو حنيفة٢: هو مختص بالجملة الآخرة معينا.

٢٨٨- وينبني على المذهبين مسألة في الوصايا والحبس وهي أن القائل إذا قال:


١ سبقت ترجمته.
٢ سبقت ترجمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>