للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسألة:

٣٠٥- لا يمتنع ورود اللفظ العام [مع] استئخار المخصص عنه إلى وقت الحاجة وذهب جماهير المعتزلة إلى منع ذلك وهذا من فروع القول في تأخير البيان عن مورد الخطاب إلى وقت الحاجة ولكنا أقمنا رسمها لتجرى المسألة منتظمة في الكلام للعموم والخصوص ولزيادة نوردها.

أما وجه التحاقها بما تقدم في أحام البيان فهو أن المخصص ليس جزءا من الكلام المصدر بالصيغة العامة بخلاف الاستثناء وإنما هو بيان المراد باللفظ تأويلا فلا يجب اتصاله كما يجب [في] الاستثناء والمستثنى عنه وليس تأخير البيان مستحيل الوقوع عقلا فإن رد الخصم استحالة ذلك إلى الاستصلاح والقول بموجب رعاية صلاح العباد فهو أصل لا يساعدون عليه ولا يمتنع أن يقع في المعلوم أن استصلاح العباد في تأخير البيان إلى وقت الحاجة فلم يبق لما منعوه وجه وقد ذكرنا هذا المسلك فيما سبق.

٣٠٦- والذي [نزيده] أن الخطاب الذي يخصصه مقتضى العقل يجوز فرض وروده وإن كان يستأخر عن [مورده] الإحاطة بإرادة الخصوص منه أخذا من أساليب العقول وهذا متفق عليه ولا ينجى الخصوم منه قولهم إن العقل عتيد والنظر ممكن فإن ذلك يستدعي تمادى أمد وتطاول زمن ولو اتصل التخصيص لفظا ونطقا لأغنى عن النظر وليس لهم عما ألزموه جواب ولا حاجة إلى التزامهم ذلك مع ما مهدناه.

٣٠٧- ونختتم المسألة بإلزامهم ورود عمومات الكتاب مع استئخار تبين خصوصها عن موردها فإنا على اضطرار من عقولنا نعلم أن الأحكام التي اقتضتها الصيغ مطلقة ثم فصلتها سنن الرسول صلى الله عليه وسلم على ممر الزمان عند اعتقاب الوقائع كثيرة ومن أنكر ذلك وادعى أنه لم يرد خطاب مقتضاه عموم في الكتاب إلا فصله رسول الله صلى الله عليه وسلم على أثر مورده فقد ادعى [أمرا] منكرا وقال بهتانا وزورا ومما نضربه مثالا آية السرقة فإنها [إذ وردت] لم يبتدر رسول الله صلى الله عليه وسلم تفصيل أحكامها في الأقدار والأحراز [ونصاب المسروق] في مجلس واحد بل كان لا يعتني بالإكباب على البيان اعتناءه بوظائف النقل فضلا عن المفترضات وكان إذا وقعت واقعة روجع فيها فيبين قدر الغرض ويقتصد وجاحد ذلك مباهت معاند.

<<  <  ج: ص:  >  >>