للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأقحاح فالاحتجاج بقول أبي عبيدة أولى وقد قال في قول الرسول صلى الله عليه وسلم١: "مطل الغنى ظلم" يدل على أنه لا ملام على المقتر وقد قال في قوله عليه السلام٢: "لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا حتى يريه خير من أن يمتلئ شعرا" وهذا يدل على توبيخ من لا يعتني بغير الشعر فأما من جمع إلى علومه علم الشعر فلا يلام عليه والشافعي من القائلين بالمفهوم وقد احتج [بقوله] الأصمعي٣ وصحح عليه دواوين الهذليين.

وهذا المسلك فيه نظر فإن الأئمة قد يحكمون على اللسان عن نظر واستنباط وهم في مسالكهم في محل النزاع مطالبون بالدليل والأعرابي ينطقه طبعه فيقع التمسك بمنظومه ومنثوره ولا يعدم من يتمسك بهذه الطريقة المعارضة وقصارى الكلام تجاذب ونزاع واعتصام بنفس المذهب.

٣٦١- طريقة أخرى لمثبتي المفهوم قالوا وردت أخبار نقلها آحاد وهي لو جمعت لالتحق معناها بالمستفيض٤ الذي لا يستراب فيه وسبيله سبيل الحكم بجود حاتم٥ وشجاعة علي والأقاصيص المأثورة عنهما أفراد ثم نقل هؤلاء جملا من أخبار الآحاد وزعموا أنها تشعر بإثبات القول بالمفهوم فمما ذكروه ما روى عن يعلى٦ بن أمية أنه قال لعمر بن الخطاب٧ ما بالنا نقصر وقد أمنا وأشار إلى قوله.


١ البخاري ٢/١٢٣ و١٥٥, ومسلم في: المساقاة "٣٣" وأبو داود في: البيوع "١٠", والترمذي "١٣٠٨ و١٣٠٩", والنسائي ٧/٣١٧, وابن ماجه "٢٤٠٤", وأحمد ٢/٧١ و ٢٦٠ و ٣٨٠ و ٤٦٣ و ٤٦٥.
٢ البخاري ٨/٤٥, ومسلم في: الشعر "٧, ٨, ٩, ١٠", وأبو داود "٥٠٠٩", والترمذي "٢٨٥١, ٢٨٥٢", وابن ماجه "٣٧٥٩, ٣٧٦٠", وأحمد ١/١٧٥, ١٧٧, ٢/٣٩, والبيهقي ١٠/٢٤٤.
٣ الأصمعي هو: عبد الملك بن قريب, وفد اشتهر بلقبه, وكان أتقن القوم وأعلمهم بالشعر, وأحضرهم حفظا. له ترجمة في: وفيات الأعيان ١/٢٨٨, والفهرست "٥٥", وإنباه الرواة ٢/١٩٧, وشذرات الذهب ٢/٣٦.
٤ المستفيض: سمي بذلك لانتشاره, من فاض الماء يفيض فيضا. "أصول الحديث" ص "٣٦٤".
٥ حاتم هو: ابن عبد الله من قبيلة طيء, ويكنى أبو سفانة وهو من أجود العرب, وله أخبار في السخاء مشهورة حتى جرى ذكره مجرى الأمثال, فيقال: أجود من حاتم طي. مات سنة "٥٠٦م". له ترجمة في: خزانة الأدب ١/٤٩٤, والشعر والشعراء "١٢٣", ومروج الذهب ٣/٣٢٧.
٦ يعلى بن أمية بن أبي عبيدة بن همام التميمي الحنظلي حليف قريش, وهو الذي يقال له: يعلى بن منية – بضم الميم, وسكون النون -, وهي أمه وقيل: أم أبيه جزم بذلك الدارقطني. قال ابن سعد: شهد حنينا والطائف وتبوك. وقال أبو أحمد الحاكم: كان عامل عمر على نجران. له ترجمة في: الإصابة ٣/٦٦٨-٦٦٩.
٧ سبقت ترجمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>