للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تخصيص الموصوفات بالذكر كقوله عليه السلام: "في سائمة الغنم زكاة" ١ وقوله: "لي الواجد ظلم" ٢ وهذا الفن عمدة المسألة وملتطم الكلام فليقع به فضل اعتناء والله المستعان.

٣٧٢- فأقول إذا كانت الصفات مناسبة للأحكام المنوطة بالموصوف بها مناسبة العلل معلولاتها فذكرها يتضمن انتفاء الأحكام عند انتفائها كقوله صلى الله عليه وسلم: "في سائمة الغنم زكاة" ٣ فالسوم يشعر بخفة المؤن ودرور المنافع واستمرار صحة المواشي في صفو هواء الصحاري وطيب مياه المشارع وهذه المعاني تشير إلى سهولة احتمال مؤنة الإرفاق بالمحاويج عند اجتماع أسباب الارتفاق بالمواشي وقد انبنى الشرع على رعاية ذلك من حيث خصص وجوب الزكاة بمقدار كثير وأثبت فيه مهلا يتوقع في مثله حصول المرافق فإذا لاحت المناسبة جرى ذلك على صيغة التعليل.

وكذلك النهي عن لي الواجد فإن الموسر المقتدر ذا الوفاء والملاء إذا طلب بما عليه لم يعذر بتأخير الحق للمستحق وهذا في حكم التعليل لانتسابه إلى الظلم إذا سوف وماطل.

فإن طولبنا بإثبات القول بالمفهوم فيما نصننا عليه فالقول الواضح فيه أن ما أشعر وضع الكلام بكونه تعليلا فهو أظهر عندي في اقتضاء التخصيص الذي من حكمه انتفاء الحكم عند انتفاء الصفة من الشرط والجزاء فإن العلة إذا اقتضت حكما تضمنت ارتباطه بها وانتفاءه عند انتفائها وإذا قال القائل: إنما أكرم الرجل لاختلافه إلى كان ذلك أوضح في تضمن اختصاص إكرامه بمن يختلف إليه من قوله من اختلف إلى أكرمته.

٣٧٣- فإن قيل [إن] العلل الشرعية ليس من شرطها أن تنعكس والمفهوم تعلق بادعاء العكس قلنا هذا الآن كلام من لم يحط بما أوردناه والقول في العلل المستنبطة وشرائطها وقوادحها ليس مما نحن فيه بسبيل فإن غرضنا التعلق بما يقتضيه اللفظ في وضع اللسان اقتضاء ظاهرا ولا شك إن صيغة التعليل يظهر منها للفاهم ما أدرناه والقول في مآخذ العلل المستثارة لا [يؤخذ] من مقتضى العبارات والألفاظ فهذا ما أردناه.


١ سبق تخريجه.
٢ سبق تخريجه.
٣ سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>