٣٧٤- فإن قيل خصصتم بالذكر [الصفات] المناسبة للأحكام وقد أطلق القائلون بالمفهوم أقوالهم بإثبات المفهوم بكل موصوف فأثبتوا في ذلك ما هو الحق قلنا الحق الذي نراه أن كل صفة لا يفهم منها مناسبة للحكم فالموصوف بها كالملقب بلقبه والقول في تخصيصه بالذكر كالقول في تخصيص المسميات بألقابها فقول القائل زيد يشبع إذا أكل كقله الأبيض يشبع إذ لا أثر للبياض فيما ذكر كما لا أثر للتسمية بزيد فيه ولنا كلام طويل على قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تبيعوا الطعام بالطعام إلا مثلا بمثل" ١ تقصيناه في "الأساليب" فليطلبه [مريده] من ذلك الكتاب ومن سر هذا الفصل أن شرط العلة المخيلة المستنبطة السلامة عن جمل من الاعتراضات والقوادح ولا يشترط شيء من ذلك في القول بمفهوم كلام الشارع إذا اشتمل على ذكر موصوف وفهم من الصفة مناسبة فإن الكلام في ذلك يدار على فهم الخطاب لا على شرائط العلل ولا يتضح الغرض [في ذلك] مع كل هذا التقرير إلا بذكر المسألة المعقودة على الدقائق.
مسألة:
٣٧٥- قد سفه علماء الأصول هذا الرجل في مصيره إلى أن الألقاب إذا خصصت بالذكر تضمن تخصيصها نفي ما عداها وقالوا: هذا خروج عن حكم اللسان وانسلال عن تفاوض أرباب وتفاهمهم فإن من قال رأيت زيدا لم يقتض ذلك إنه لم ير غيره قطعا.
٣٧٦- وعندي أن المبالغة في الرد عليه سرف ونحن نوضح الحق الذي هو ختام الكلام قائلين لا يظن بذي العقل الذي لا ينحرف عن سنن الصواب أن يخصص بالذكر ملقبا من غير غرض وإذا رأى الرائي طائفة والخبر عن رؤية جميعهم عنده مستو لاتفاوت فيه وهو في سماع من يسمع كذلك فلا يحسن أن يقول والحالة هذه رأيت فلانا فينص على واحد من المرئيين نعم إن ظهر غرض في أن المذكور في جملة من راه فقد ظهر عند المتكلم فائدة خاصة يفيدها السامع فإذ ذاك يحسن تخصيصه بالذكر ولا خفاء بذلك.
فإن قيل:[هذا] الذي ذكرتموه ميل إلى مذهب الدقاق قلنا: الذي نراه أن التخصيص باللقب يتضمن غرضا مبهما كما أشرنا إليه ولا يتضمن انتفاء ما عدا.